19 مايو، 2024

” كن أنت ” للأديبة : ندى محمد عادلة _ سوريا

كن أنت

يأخذني العجب وأنا أتأمل ما يكتب على صفحات التواصل الاجتماعي ولأكتشف سر المأساة اتي تعيشها مجتمعاتنا , بطبعي لا أحب الحكم والآراء المتوارثة والأخبار المكررة المنقولة قال فلان وقال شكحان , بطبعي لا أحب فرض الرأي والأحكام المسبقة على الآخر , ولكن دعني أقول أنت في منتهى الإحباط عندما تقول قال غيفارا أو أي ثائر وثوري أخر , غيفارا لم يعد ثائرا بهذا الزمن واستبدل ثورته بصداقات مع ولي نعمته وافلاطون ندم على ترسيم حدود مدينته الفاضلة لأن الفضيلة استبدلت بألف شكل ولون , وسقراط وأرسطو حرقوا المنطق ومكتبة المعرفة واستبدلوا بالعرافات وابطال الشاشات الاعلامية … وابن خلدون كتب المقدمة ولم يكمل الموضوع بعد أن تمت تصفيته وعبد الرحمن الكواكبي اتلفت كتبه من المكتبات العامة …وديكارت وضع سدا منيعا بينه وبين التفكير عندما جعلنا نعيد النظر بمسلمات فكرية كثيرة
يا صديقي قل أنت وقل زمانك ومكانك لا تقل لي ماذا قال فلان وفلان أنت أذكى منهم وأنت الأعرف والأجمل فيما تصف وتقول لا تكرر الكلام الموشوم على صفحات غوغل الجميع يعرفه ولاتنسبه لشخصك الكريم …
إضافة لذالك الوفيات تملا صفحات الفيس ونترحم على الجميع وهذا واجبنا ولكن هل يعقل ان أحيي ذكر والدتي بعد وفاتها بربع قرن وأطلب الترحم عليها، بعرفي وفقه جميع العارفين يكفي أنت , وقد لا يفيد كلام الغير ولا يقدم ولايؤخر وخاصة عندما توضع صور المتوفي أو صورهم بأواخر العمر , جميعنا أبصر النورمن آباء وأمهات يطفحن بالفضيلة والإنسانية وهذا موروثنا الذي نفخر به ولكن لن أضع صورهم على الصفحات , يكفي أن استحضرهم بما تركوه لي من إرث وجداني وأخلاقي ويكفي مشاهد هذا العصر الموتور و يكفي ما تبدعه هذه الأقلام المصقولة بالخواء والمحن …أما إمكانية القول والكتابة فهي إمكانية تفجير طاقات النفس والذهاب الى مستقبل الحياة نجمع فيها فتات الزمن ونعيش اللحظة المتبقية بحواسنا والتي تعكس وجوهنا وظلنا على الأرض , الكتابة والابداع يرتبط بالآخر حولك بالزمن الذي تعيشه يتطلب منك الوجود الحقيقي لشخصك ورأيك بحرية ومسؤولية ….يكفي احباط …