28 أبريل، 2024

“سحابة” للقاص عبدالله الصليح – السعودية

سعودى

سعودى

سحابة.!

قصة قصيرة عبدالله الصليح – السعودية

ارتسم لناظريه الطريق الطويل، والخطوط البيضاء المتقطعة التي تجري من تحته سراعًا، كان سفره هذه المرة برفقة زوجته وأطفاله، وأمام ناظريه كانت ظلال سحابة سوداء تظله، وترافقه في سيره، مرت ساعتان دون أن تسبقه السحابة أو يسبقها، وشعر حين نظر إليها أنه يرغب بالتوقف قليلاً، سرعان ما وجد محطة وقود تراءت لناظريه فأشاح عن الطريق باتجاهها، وأوقف سيارته بجوار البقالة ليدعو أبناءه النائمين لانتقاء ما يشتهون، بينما راقب في الأعلى تلك السحابة وهي تقف لأجله كأنما كان يحملها مع هداياه، عاد أبناؤه منتشين بما اشتروه، وفتش بعينيه بحثًا عن مكان يحقق غايته، فوجد مظلة صغيرة ليتوقف تحتها ويسدل كرسيه فيستلقي ليراقب تلك السحابة بهدوء، تعجبت زوجته من تصرفه فبادرته قائلة: ما دعاك للتوقف؟ ترغب بالراحة في هذا المكان الغريب؟ لم يتبق الكثير بالمناسبة..
فقال: سأبقى، حتى تغادرنا هذه السحابة التي رافقتنا منذ بداية الطريق، فلست مطمئنًا إلى هذه الصحبة، ابتسمت لتضيف لغرابة تصرفاته حدثًا جديدًا في ذاكرتها، وانهمكت تفكر في ضحكات أخواتها بينما تحكي لهم هذه الحكاية، وبينما تصوغ عباراتها في عقلها، ارعدت السماء وأمطرت بكثافة، وأصبح الجو صاخبًا بالبرد، حيث تساقطت القطع في حجم اليد من حولهم، وظلت تزمجر من فوق المظلة كأنما تحاول النفاذ إليهم غاضبة، نظرت حولها إلى سيارات المسافرين التي أصابها البرد فحطم زجاجاتها الأمامية، وارتعدت لرؤية أحد المسافرين يضرب على سيارتهم من الخلف يطالبهم بالابتعاد ليركن سيارته الفارهة لعله ينقذ بقية الزجاج، بينما كان زوجها يبتسم ببطئ ثم يضحك على إفلاته من حالة غضب سببها سحابة لم يحتمل رفقتها..