28 مارس، 2024

“يؤلمنى فراقك ياأمي” للقاصة : إيمان عنان _ مصر

يؤلمنى فراقك ياأمي

حينما ودعتك كنت مدركة تمامًا لقيمة اللحظة، كانت اللحظة الأخيرة من كل شيء لك معنا في هذه الدنيا، النظرة الأخيرة، اللمسة الأخيرة، القبلة الأخيرة، والعناق الأخير .
كنت في أشد حاجتي أن يخذلني وعيي.. تلك اللحظة يجب ألا تمر، لم أسمح لأي شيء ولا ﻷي شعور أن يشغلني عن وداعك، وأنا أعلم أنه اللقاء الأخير وكان الآخير و ترحلين الى حيث لن اراكِ أبدًا ، شعور مؤلم عندما أتصور أن المسافة لم تعد تفصل بيننا، بل عالم سرمدي ليس له مقياس ولا نعلم عنه شيئا، انا هنا وأنتِ هناك وما بين هنا وهناك حجاب لا يعلم طبيعته إلا الله عز وجل ليس له حل ولا تصور ولم أجد له ما يسعفني لوصفه في قاموس الكلمات والمعاني كلها، أصعب من كل ذلك عندما يصبح هذا العالم لا يعرفك هنا .
الكلمات لا تسعفني ، كل شيء تركته مبعثرًا بداخلي
لا تفارقني التفاصيل، نحتت بداخلي، وجهك المضيئ، عيناكِ الخضراوين وابتسامتكِ الهادئة دائمًا، ايماءاتك البطيئة ، ونظراتك التي كانت كلامًا صامتًا، اترجمه كما احسه وأفهمه ، صبرك الذي لم أعهد مثله ابدًا، ها قد جاءت ساعة الفراق كما شاء الله لها أن تكون، أصعب إحساس في الدنيا، وأنا أسمع الله يرحمها، ولم أستوعب ذلك، انتقلتِ الى رحمة الله التي أصبحتِ واقعًا لا مفر منه، وفي مثل هذا اليوم من كل عام أفقد صبري وتضيق بي نفسي وأنا أعرف أنكِ في أشد الاحتياج إلى دعائي أكثر من دموعي، فاعذري ضعفي فأنا لم أكن أتصور صعوبة الفراق الأبدي ، لقد استجبتِ للرفيق الأعلى وسلمت روحك الزكية والطاهرة لربك وأنتِ راضية مرضية، وبقيت تلك التفاصيل الأخيرة تسكن عقلي وقلبي.. تفاصيل لا تنسى، كسرة نفس لا تقارن أبدًا بأي شيء، واسألوا كل من فقد أمه .لكن، بشراكِ كل شيء كان يبشر لكِ بالجنة، وجهكِ المضيئ كأنكِ على قيد الحياة، وأنا أُقبل قدميكِ والمس كفنكِ، لم أتصور يوماً أنه سيكون أجمل ما ارتديتِ لنعومة ذلك الثوب الغريبة، وجماله و كأنه لباس من الجنة لما كان عليه من تلك الرائحة الزكية التي لم اشمها في حياتي، اقسم لكِ على هذا ، أحسست أن الله يطمئنني عليكِ ليريح قلبي ونفسي وروحي، إذ بعث تلك الاشارة الجميلة التي جاءت لتوديعك على باب المنزل، ثم رافقتك بنظراتي إلى مثواكِ الأخير وأنتِ خارجة من البيت، محملة على نعشك وأنا اتبعك، علني اخزن في ذاكرتي ما استطعت بما تبقى من نظرات عليك، سبحانك ربي لا أقول إلا ما شاهدت عيناي وما أنعمت به علينا من رحمتك يارب من صبر وطمأنينة .. لن .أنساك ما حييت ولن يكون هناك من يعوضك ولا من يشبهك، كم أحن إليكِ، ستبقين خالدة في روحي وموجودة في حياتي

اللهم ببركة هذا اليوم الفضيل وبركة هذه الأيام المباركة ارحم أمي رحمة تليق بعظمتك و اجعل صبرها في ميزان حسناتها واسكنها فسيح جناتك واجعل قبرها روضه من رياض الجنة يارب وارحم أمواتنا واموات المسلمين جميعًا يارب