16 مايو، 2024

” نهايات ” للشاعرة : مها فاضل _ سوريا

مها

مها

الخريف شهقة وحيدة
أنجبها أخضر هرم في أواخر شهواته‏‏
وصدر الأرض الشهيّ مسفوح كقربان.‏‏
هناك،حيث تضطجع الحياة‏‏
على الجانب الآخر للموت‏‏
في هيئة ورقة آيلة للصلاة،‏‏
الأرض جائعة،‏‏
والورق خزّان من ضياء‏‏
نحن أوراق الخريف الحمراء‏‏
/نحن خبز النبي المقدس/‏‏
نحن عري الأرض المنذور/‏‏
نلتقم ثديها الوافر، بجحود ونكران،‏‏
نحن كلّ هذا الضوء الذي يموت،‏‏
نحن أرجوان الخريف المنفيّ قسراً‏‏
عن جسد أمّنا الجميل،‏‏
نحن أجنّة الخريف.‏‏
**‏‏
أنا البحر!‏‏
زرقتي الشاسعة‏‏
تتنزه في شاطئ العين‏‏
أنا الملوحة، وأنا زفير الريح‏‏
يترنّم في أذن الصخور،‏‏
أنا قرارة نفسي الطافحة،‏‏
وانعكاسي على مرّ العصور‏‏
أغرق شفاه الجنون في لجّتي‏‏
/أرقص عارياً منتشياً‏‏
تداعبني أنثى، بشهوة / بحبور‏‏
أنا البحر، عالق في البدء والبدء‏‏
هائج أبداً في رعشة الوصول..‏‏
**‏‏
لا أريد أن أرى/‏‏
لا أريد أن أسمع /‏‏
لا أريد أن أصرخ‏‏
فأنا عزلاء من بدء الخليقة/‏‏
صهوتي ظلال غيوم عتيقة‏‏
وغيومي أكاذيب!‏‏
لا أقران لي /‏‏
جذوري بقايا لحاء سقيم‏‏
خطواتي عرجاء والطريق مائل‏‏
ألبس عري الحجر/‏‏
أصلّي بوحشية/ بزيف!‏‏
آخر الملاجئ أدلف إليه /‏‏
كهف في حضن جبل ،‏‏
جبل وضيع أضاع هويته/‏‏
فرّق الأشجار مزقا‏‏
عبثاً قلت: دثرّني‏‏
دثرني! فللظمأ مواسم مكرورة،‏‏
وفي الروح الصقيع.‏‏
**‏‏
عن البعد وأشياء أخرى‏‏
كنت أدنو إلى قلبه كي أراه‏‏
أشمّ نداه على جسد الوسائد‏‏
أقول الذي لا يقوله عني/‏‏
أعبر صوب الردى خائفة من صداه‏‏
أحببته بنظرة واحدة/‏‏
بألف قلب /‏‏
بألف شريان‏‏
ومن أول لمسة بألف جسد،‏‏
لو تكلّم /‏‏
لاجترحت الأغاني، الطقوس‏‏
لأقمت المعابد في مدني القصيّة‏‏
لكنّ صمته تدلّى‏‏
مشنوقاً كالوقت العليل/‏‏
تلوت على عريه آيات البصيرة/‏‏
ولملمت حنجرتي مرايا مكسورة/‏‏
شاهدة على عقمه/ على عماه‏‏
لا تنكر تفتحك في حضوري/‏‏
يوماً كان الزنبق يهطل‏‏
من فمك بدل الكلام/‏‏
**‏‏
عماء! عماء عاصف!‏‏
لا حاجة لاختيار يوم معيّن‏‏
المدينة التي كنت تعرفها من الأسفل،‏‏
هي المدينة نفسها تحت المجهر!‏‏
نمل بشري يزحف بخطى الحلزون،‏‏
يمكنك أن تكون حيّاً/‏‏
تأكل شطيرة/‏‏
تزرّر ياقتك‏‏
أو حتى تغسل مشنقتك‏‏
لا فرق بين مدينة وأخرى‏‏
إلا بالبؤس‏‏
الملايين الآن يستلقون على ظهورهم‏‏
موتى! نيام الخوف،‏‏
وفي الأحلام:‏‏
بلاط الرصيف يكتمل ببطء‏‏
والمدينة نفسها،‏‏
المدينة نفسها التي تعرفها؛‏‏
ما زالت تحت!!!‏‏