19 مايو، 2024

منى احمد تكتب ملك مصرى قديم تزوج ولم ينجب ولداً

منى احمد

أرض مصر الفرعونية مليئة بمجد وحضارة وتاريخ لا يضاهى  ولاتزال مصر تبوح بأسرارها وكنوزها كل يوم كنوز عظيمة عاشت تحت التراب لآلاف السنين وخرجت  لتحكى قصص وحكايات الأدب الفرعونى الكثيرة و منها حكاية الأمير الملعون وهى قصة مصرية قديمة ترجع لعصر الأسرة الثامنة عشر وجد جزء منها على الصفحة اليسرى من بردية هاريس 500 المحفوظة الآن فى المتحف البريطاني .

يحكى أن هناك ملك مصرى قديم تزوج ولم ينجب ولداً وحزن الملك حزناً شديداً وكان يجلس كل يوم هائماً سارحاً وعينيه لم تغفو من شدة الحزن والتفكير حيال هذا الأمر ، وقام يصلى للإلهة ويقدم القرابين ويتودد للإله وفى ليلة أخذ يصلى بخشوع ويبكى ويطلب من ربه أن يرزقه بولد يرثه ويرث عرشه ، ويشاء القدر وتحمل زوجته فى تلك الليلة ، وعندما أخبرته زوجته بخبر حملها سعد بذلك الخبر وغمر قلبه السعادة التى فاضت على شعبه ولكن الفرحة لم تكتمل فعندما ولد ولى العهد  حضرت الحاتحورات السبع لتقرر مصير الأمير الصغير و أخبرته  الآلهة بأن ابنه سيموت إما عن طريق ثعبان يلدغه  أو تمساح يأكله  أو كلب ينهشه ، وقع هذا الخبر على الملك كالصاعقة وخاف الملك على أبنه كثيراً وأمر ببناء قصرًا معزولاً في الجبال، حتى لا يصيبه أى مكروه و ليبقيه بعيدًا عن الخطر، و قام  بتوفير  كل ما يحتاجه حتى لا يخرج منه أبداً  فيلاقي مصيره المحتوم.

ويمر الوقت و يكبر الأمير  وفي أحد الأيام كان ينظر من شرفة القصر ليرى  كلب صيد يتبع صاحبه، فيسأل خادمه ما هذا الشيء الذي يمشي خلف الرجل فأجابه  أنه كلب صيد يا أمير فقال الأمير أريد كلباً مثله احضروا لي واحدا، فصدم الخادم وركض ليخبر الملك عما حدث ، فحزن الملك وخاف من المصير المحتوم ولكن كان لا يريد أن يحزن قلب الأمير الصغير وقال للخادم فلتحضروا له جروا صغيراً  حتى لا يحزن قلبه، وتمر الشهور وينمو عقل وجسم  الأمير الصغير  وعلم  بقصة مصيره المحتوم فيطلب من والده الملك  ان يسمح له بأن يغادر القصر ليواجه مصيره، بدلاً من إنتظاره ، فيوافق الملك رغم خوفه ولكنه كان فخور بشجاعة الأمير وأمر بتخصيص عجلة حربية له مجهزة بكل أنواع السلاح وخادماً يتبعه وكلبه من خلفه، ويقصد الصحراء فترة، يعيش خلالها على الصيد، إلى أن تسوقه أقدامه إلى بلاد نهارينا وهى سوريا .

وعندما وصل  الأمير إلى بلاد نهارينا “سوريا” وعلم أن ملك بلاد نهارينا لم يرزق بولد يرث عرشه ولم يكن للملك  إلا ابنة واحدة يقال أن جمالها شديدة يضاهى القمر ، وقد بنى لها قصراً ذو شرفة عالية ارتفاعها 70 ذراعا، وأعلن الملك أن من يستطيع الوصول إلى شرفة غرفة  الأميرة سيتزوجها فى الحال ، وفي أحد الأيام مر الأمير بجوار شرفة الأميرة ووجد شبابا كثيرين ينتظرون أسفلها وعرف قصة الأميرة الجميلة حبيسة القصر، وعلم منهم أنهم على مدار ثلاثة أشهر يحاولون القفز إلى شرفة الأميرة دون جدوى وعندما سألوه  من أين أنت أيها الفتى؟،

فأجاب بأنه ابن قائد مصري، ماتت أمه وتزوج والده بزوجة أخرى كرهته ففر منها، وهناك لمحه الأميرة عندما كانت تطل بجمالها من شرفتها ولمحته هى الأخرى ووقعا كل منهما في حب الآخر، وبعد أيام حضر الأمير أمام شرفة الأميرة وبعد محاولات كثيرة قفز  عاليا ونجح في دخول شرفة الأميرة، فغمر قلب الأميرة بالسعادة بأن من لفت نظرها وأحبته هو من نجح فى القفز إلى شرفتها وكأنه قفز فى قلبها وليس غرفتها فقبلته الاميرة وعانقته، وكأنها تعشقه من سنين وعندما علم الملك بالخبر فرح فرحاً شديداً ،  وسال ابن من هذا من أمراء نهارينا الذى نجح فى الوصول  إلى شرفة غرفت  أبنتي الأميرة ،

فأجاب بأنه ابن قائد مصري، جاء هارباً من وجه زوجة أبيه، فغضب الملك قائلا: “وهل أعطي أبنتي لهذا الهارب المصري؟، عليه أن يعود إلى وطنه، وجاء من يخبر الأمير أن عليه العودة إلى مصر، ولكن الأميرة التي وقعت في غرام الأمير الملعون و تمسكت به وأقسمت بالآلهة قائلة ” وحياة رع حور أختى، إن اخذتموه مني فلن آكل ولا أشرب حتى أموت”، فعلم الملك فأرسل من يقتله، فسمعت الأميرة وقالت: “بحق رع إن أنتم قتلتموه، فسوف أموت قبل أن تغرب الشمس ولن أعيش ساعة واحدة بعده، وأخيراً رضخ ملك نهارينا  لأميرته الوحيدة وأمر بإحضار الأمير وزوجه من ابنته الأميرة  وخصص له الضياع والماشية .

وأخيراً تزوج الأمير من الأميرة وقرر أن يخبرها باللعنات الثلاثة و بأنه قد كتب عليه الموت إما بسبب تمساح يأكله  أو ثعبان يلدغه  أو كلب ينهشه ،  فحزنت الأميرة وقلقت على أميرها وزوجها فأشارت عليه  بأن يقتل كلبه، فرفض بشدة وقال لها كيف يقتل الصديق صديقة  قائلا: “يا للحماقة، إنني لن أقتل كلب الذي ربيته بنفسي منذ كان جروا صغيرا”، اشتعل قلب الزوجة المحبة قلقاً على زوجها أكثر وأكثر ، فأخذت  تترقبه  أينما ذهب ولم تدعه يخرج وحيداً، ولكنها لم تعلم  أن التمساح المقدر له قتله قد اقتفى أثره حين رحل في زيارة إلى مصر، وصار يعيش في البحيرة الواقعة أمام داره، وكان يعيش في نفس البحيرة جني عظيم، ووقع الصراع بين الجني والتمساح فكان كل منهما يحول دون خروج الآخر من البحيرة، وكانت كلما اشرقت الشمس يتصارعا” .

وكانت الزوجة الحنونة لا تغفو الليل من شدة قلقها على زوجها وحبيبها الأمير خوفاً من القدر المحتوم و في أحد الليالي غفى الأمير، وغلبه النعاس، لكن الزوجة أصرت ألا تنام لتحرسه وقامت بملأ أنائين واحد من النبيذ والآخر من الجعة، فخرجت الأفعى من جحورها  تريد أن تلدغ الأمير، ولكن الأفعى انجذبت إلى الإنائين فشربت منهما حتى ثملت ونامت على ظهرها، فقطعتها الزوجة إربا بفأسها، ثم أيقظت زوجها وعانقته وقبلته وقالت: “انظر، لقد وضع الله واحداً من أقدارك في يدك، وكذلك سوف يسلمك المصيرين الآخرين”، فقدم الأضاحي لرع امتنانا على قدرته التي أنقذته من الموت .

وبعد أن أنقذته زوجته الوفيه من لدغة الثعبان وقامو بتقديم الأضاحي لرع  قام الأمير فى أحد الأيام و خرج  للتنزه  في ضيعته، وقد انشغلت زوجته عن الخروج معه فتبعه كلبه، الذي كان يركض خلفه فى كل مكان وإذ فجأتاً صار  للكلب قدرة على الكلام  وقال الكلب للأمير ” أنا قدرك”، ففزع الأمير وفر منه هربا، وقفز في البحيرة، ليلقى التمساح فى انتظاره فقبض عليه التمساح، قائلا للأمير “أنا قدرك الذي اقتفى أثرك، لقد صارعت عفريت الماء ثلاثة أشهر كاملة حتى الآن، انظر، سوف أطلق سراحك قمت بمساعدتك فى التخلص من الجن ولقاء ذلك عليك عندما يعود خصمي  الجنى ليصارعني عليك أن تساعدني في قتله والتخلص منه ، وإن كنت قد خفت الكلب، فالأحرى بك أن تخشى التمساح”.. وهنا تحطمت الورقة “ورقة البردية ”

ويقال أنه يعتقد أن الأمير لقى حتفه على يد الكلب على عكس مخيلتى وأعتقادى فالكلاب من طبعها الوفاء فلا يمكن لكلب أن يغدر بصاحبة الذى يأويه منذ كان جروا صغير ، فلولا أن تحطمت ورقة البردى التى كانت تحمل باقى الحكاية لكان هناك كلام أخر ، فأسمحو لى أن أسدل ستائر الحكاية بنهاية سعيدة تتفق مع واقع القصة فى مخيلتى أن الأمير تخلص من كل مخاوفة الثلاثة وأن الكلب عندما تحدث معه لم يكن هو بل من الممكن أن يكون الجنى الذى كان يصارع التمساح تهيأ له فى الكلب ولكن الأمير تخلص من كل هذه المخاوف وعاد هو وكلبه إلى الأميرة وأخبرها بكل ما حدث معه كما أخبرها هى ووالدها بحقيقة أمره وأنه أمير أبن ملك مصر وولى عهده وسعد الجميع و عاد الأمير والأميرة إلى مصر وأخبر والده الملك عما حدث معه وسعد الملك بالأمير وأفتخر بشجاعته وقام الملك بأستقبال الأمير بمراسم استقبال لم تحدث من قبل وقام بتوزيع الهدايا على شعبه وتقديم الأضاحي والقرابين للألهه وسعد الجميع وأنجب الأمير الكثير من الأمراء والأميرات الجميلات .