11 مايو، 2024

“آخَر الأصداء” للقاص : مُحَمَّد الباشا_العراق

قِصَّةً قَصِيرَةً
آخَر الأصداء
= = = = = = = = = = = =
رَجُلٌ تَهَدَّلَت أَجْفَانِه مِن سُنَيْنَه الْخَمْسِين ، شَغَلَتْه فَتَاة ثلاثينية بُهَيَّة الطَّلْعَة قَالَ لِي :
_ يَا صَدِيقِي . . . رَائِعَة الحيوية الْعَاقِلَة ، مرفوضة أَمْواج الزُّبْد بنهاياتها الْفَارِغَة ، وَجَع كَبِيرٌ سُقُوط الْمَشِيب فِي فَخ الْمَجْهُول ، لَقَد دَارَت رَحَى الْأَيَّام لتهبني نياشين الٌام أَبَدِيَّةٌ ، لَكِنَّنِي الْيَوْم إمَام تَحَوَّلَ فِي خَرِيفٌ أَيَّامِي ، لِذَا سارفع صَوْت التَّحَدِّي كاعصار جَارِفٌ .
قُلْت لَهُ وَأَنَا مُتَرَدِّدٌ وَخَائِف :
_ نِيرَان الْأَمْسِ لَا جَدْوَى مِنْ وَصْفِ رمادها ، سَحَائِب الْوَجَع لونتها بمدامع الأَحْزَان ، الِانْكِسَارِ فِي نِهَايَةِ الْعُمْرُ لَيْسَ لَهُ جُبَيْرَةَ ؟
رَدَّ عَلَيَّ وَهُوَ يَعِيش رَحْلِه برزخية :
_ إِنَّهَا فتَاةٌ تَحْمِل طلسما جذابا يَجْعَلَنِي مُنْقَادًا بمليء أرادتي ، دَفَعْت لِي كَأْس الْهَوَى أَرَدْت أَنْ اتذوقه لَكِنَّنِي مَا أَبْقَيْت فِيهِ شَيْءٌ ، حَاوَلَت تَمْثِيلٌ دُور مُتَعَفِّفٌ مِنْ الْغَرَامِ لَكِنْ سَقَطَ قِناعِي ، اِسْتَسْلَم رَأْسِي لِرِيح الْعِشْق الجامحة ، الْحَبّ حَيَاة لارضي الجَرْدَاء .
تَرَكَنِي وَهُو يُتَأَمَّل بِكُلّ لَهْفَة لِغَد كَي يُعْلِن لَهَا عَنْ حَبَّةَ ، بَقِيَت أَرْقُب خَطَأَه ، انْتَظَر الْحَدَث وتحولاته ، جَاءَنِي فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ يَتَرَاقَص فرحاً ، قَرَّرْتَ أَنَّ أبوح لِفَتَاه الْأَمَل بغرامي فَقُلْتُ لَهَا :
_ سأمنحك عِشْقًا يَلِيق بامالي ، سَأحْتَفِظ بتوازني كَيْ لَا تَكُونُ علاقتنا هَجِينَة ، صفحاتي الْبَيْضَاء ساطرزها بِأَلْف كَلِمَة حُبّ نَقِيَّة ، واخط أَحْرَفَهَا بِقَلَم الشَّوْق الْحَقِيقِيّ ، سأمضي غَيْرَ مُكْتَرِثٍ بصراخ السِّنِين وفوارقها .
عِنْدَهَا ذَلِك سَار قَارَب هَوَانَا فِي بَحْرِ الْغَرَام ، وَرَفَعْنَا أَشْرَعَه الْمَحَبَّة ، سنكون نموذجاً لتحدي للفوارق بِكُلِّ أَلْوانِها .
قُلْت لَهُ معانداً ومتحدياً :
_ قَوْلِك أَنْ الْحُبَّ لَا يَعْتَرِف بِالْعُمُر اِلْتِفَاف عَلَى الْحِكْمَةِ ، آبَار الصَّحَارِي خَدَّاعٌ التَّائِه الْمَحْرُوم ،
احْذَر السَّحْب الْمُسْتَطْرقَة الَّتِي بِلَا عُنْوَان فَإِنَّهَا بِلَا أَمَانٌ ، لَا تُذْهِبْ بعيداً فِي عَتَمَة دربك فَنُور البَرْق شَدِيدٌ اللَّمَعَان سَرِيع الرَّحِيل ، لَا تَظُنّ أَنّ جُغْرَافِيَّةٌ الْخَرِيف يُمْكِن تَغْيِير حُدُودِهَا ، تَمالَك نَفْسَك مِنْ الضَّرَبَات القَادِمَة ، ستصرعك أَذْرُع ضَعِيفَةٌ الْأَعْضَاء رَهِيبَةٌ الْكَيْد .
صِرْنَا فِي تحدٍ كَبِيرٌ فأضفت قائلاً :
_ اذْهَبْ حَيْثُ تُرِيد فَإِنَّك لَنْ تُقَاوِم الْمَوْج ؟
هُنَا صِرْت انْتَظَر جَوَابٌ الزَّمَن ، هَلْ يَصْدُقُ ظَنِّيٌّ وَتَكُون عَلاَقَتَهُمَا وَهُم ؟ هَل سَتَكُون صَبِيَّة مُخَادَعَة تَفَقَّدَه صَوَابُه ؟ هَل سيلجا لِعَقْلِه ليحذره مِن هَزِيمَة مَذَلَّةٌ ؟ أَم لِلْحَبّ صَوْت أَعْلَى . . . . . .
جَاءَنِي بَعْد فَتْرَة وَهُو يَلُوح بالانتصار :
_ تَشَابَكَت أَيْدِي الْحَبّ الصَّادِقَة لترسم لَوْحَة قُل نَظِيرُهَا ، عَجَّلَه الْعُمْر تَسِير غَيْر مهتمة بالمنحدرات الَّتِي تصطنعها الظُّنُون ، مَشَيْنَا نتحدى طُبُول الثَّرْثَرَة وَوَسَاوِس الْعَوَاذِل ، الْيَوْم سنعلن ارتباطنا بِشَكْل رَسْمِيٌّ لنوئد فوارق الْعُمْر وتحدياته ، جَاء الْحَبّ بِنَقَاء السَّرَائِر فَكَان الْمُسْتَقْبَل مُتَأَلِّق التطلعات .