17 مايو، 2024

“عازف الكمان” للقاصة : هالة العكرمى

هالة عكرمى

هالة عكرمى

عازف الكمان
(قصة قصيرة)
،،،
نبهني زوجي لأسرع في ارتداء ملابسي، وغلق الحقيبة التي اكتظت بالملابس والأحذية والأدوات الشخصية، لما يكفينا لأسبوعين، وليس لثلاثة ايام فقط، هي مدة مهرجان شركات البناء والتسوق العقاري بالقاهرة.
هبطنا من المنزل، فإذ بسيارة فارهة بانتظارنا لنقلنا إلى مقر المؤتمر، المنعقد في هذا الفندق الفخم العريق، جلست خلف السائق، أسندت رأسي إلى المقعد.
تسارعت دقات قلبي، وسيطر علي إحساس مخيف، راودني حين لملمت أغراضي، وأغلقت باب غرفتي، وسألت نفسي وقتها، هل سنعود إليها مرة أخرى، راودني هذا الشعور الجاثم فوق صدري، حاولت أن أمحيه من ذاكرتي، لكنه متعمق في نفسي، يكاد يؤلمني حد الموت.
تذكرت تلك النظرات الخبيثة، والأحاديث الجانبية بين تلك السيدة المزعجة وجارتي، والتي لم يسلم أحد من لسانها، رمقتها بنظرة حانقة، فلم ألتفت يوماً ما إلى هذه المهاترات، ولكن كانت لحظات قاسية جداً، أن ألقي السلام عليهما، ولم ترداه علي، بل نظرتا نظرة كبرياء تعودتها من كليهما.
استقللنا السيارة، وغفت عيناي، فلم أذق طعم النوم طوال ليلة أمس، إثر ألم في رأسي، ووجع في قلبي.
وصلنا إلى الفندق الفخم، مازلت أزيل أثر النوم من عيني، تركت الأحداث المزعجة من خلفي، لاستمتع بالجو الرائع في قاهرة المعز.
نزلنا في هذا الفندق الضخم العريق، على ضفاف النيل، لنجد في استقبالنا بعض الفتيات الأنيقات الباسمات دوماً، أخذن يرحبن بنا ويوزعن علينا الورد وأكواب العصير الطازج، كأننا في حفل في أحد البلاد الغربية.
جلست في مكان يطل على النيل، بجوار عازف آلة الكمان الذي سحرني بعزفه الجميل، وأدهشني برشاقة أنامله تناغماً مع اللحن العذب، جلست مايقرب من نصف الساعة، شعرت أنه يعزف لي وحدي أجمل الألحان، ولا أدري لماذا تمايلت مع الموسيقى، قد يكون ذلك بفعل هوايتي وعملي بمجال الفن التشكيلي.
انشغل زوجي عني بإجراءات الفندق، والترحيب بأصدقائه القدامى من المهندسين والمقاولين العاملين بالسوق العقاري.
ثم حضر وأشار إلي فنهضت، دلفنا إلى المصعد الكهربائي العتيق، وكأنه قطعة أثرية قديمة، توقف بنا في الطابق الرابع عشر، توجهنا نحو غرفتنا، أخبرني زوجي بأن عليه أن يحصل على قسطا من الراحة، استعداداً للندوة المسائية، ثم راح في سبات عميق، أما أنا فقد تملكني شعور لا يقاوم بالعودة إلى بهو الفندق مرة أخرى، للجلوس بجوار عازف الكمان، على الفور بدلت ثيابي بأخرى أنيقة، وهبطت على عجل، وتوجهت نحو عازف الكمان، لكني لم أجده، فقد أنهى فقرته وغادر المكان..