26 أبريل، 2024

” وشاح من ورود ” للقاصة : عزة عز الدين _ مصر

عزة عز

عزة عز

قصة قصيرة
وشاح من ورود

سحبت أميرة دفتر مذكراتها لتسكب فيه بمداد الروح

بالأمس تعلقت عيناي بأطيارٍ ترقص طرباً على ألحانٍ مبهجة، ربما كانت تعلن استقبال الربيع، أو تحل شفرة عشق
ترفرف بحركات تطابق النغمات وأنا أعلو بناظري معها في شغف وأتعجب من هذا التفاعل البهيج.

ثم تنصرف عيناي لباقي أرجاء المكان، هنا زهور عطرة وهناك أشجار و نخلات سامقات، هنا الماء وهناك العِطر وتابلوهات المناظر الخلابة تتألق بها الجدران، كنت أتأمل وأحفظ في قلبي الصور، تروق لي الأماكن الجميلة، أحسن استقبالها قبل أن تحتويني.

وفي خِضمّ انشغالي بكل هذا الجمال يأتي طيفُك من بعيد، يلوح لقلبي، فتعلو ابتسامتي، تلمحها صديقاتي وتسألن عن السر، سر الابتسامة والنور والرجفة، ولأن طيفك يأبى انشغالي عنه ولو بالإجابة يلوح لي مرة أخرى أن أتبعه، تركتهن، وهرولت نحوه، كان يسبقني الخطى وأتبعه طائعة، يراوغني أحياناً ثم يطل من جديد، ابتعدنا حتى وصلنا لتلك الربوة العالية، اكتست بالأخضر ووشاحٍ من ورودِ، وبعض الأهِلّة.

وبسرعة أقبل الليل، وحلّ الظلام سوى من أضواءٍ خافتة، هذه شموع حولنا، وتلك نجوم فوقنا، وأنا والطيف نغرد معزوفة واحدة في ظلال المكان.

هناك عند هذه الشمعة جلستُ على المقعد الخيرزان، مِلتُ برأسي على كتفِك أتوسده، وخصلات شعري تنسدل على ذراعك، وقد تعطرت بأنفاسك، رُحتُ في غفوةٍ طويلة وشعرت كما لو سرى الخِدرُ في، ثم سمعتُ صوتَك يسألني، ماذا ستخسر الدنيا لو كنتِ لي ؟!!

فأجبت
لن تخسر الدنيا شيئاً ولن أخسر أنا شيئاً، وحدك الخاسر حريتك، حين أصبح لك سأهبك كل ذراتي، ثم أحتكرُ منك القلب والقلم، الروح والوطن، كلك لي، كتبك وأفكارك وكلماتك، نبضك وأفراحك ووجدانك، لن أقبل بالجزء أبداً، فالقُبلة على باطنِ يدي تستحق حروف العالم، أسمعك تتمتمُ بالرضا ولكني أتذكر جملتي الأولى لك، “لن أُغيّر من حياتك شيئاً أو أقتحم تفاصيلك، لن أشوش أحلامك بغيرة تعطلها، هذا وعدي أهبه دون أن تطلبه”.

ولأني أقدسُ الوعد تراجعتُ عن رغبتي في الاحتكار شرط أن أبقى في حياتك استثناءً فريداً لا يقبل المنافسة أبداً،
كما أنت في حياتي استثناء أرفض معه تماماً أي منافسة.

تطول الغفوة ويطول الحلم وتطول السعادة، وخفقات امتزجت بلحن الحب
ثم أفيقُ وأنت تلملمُ خصلات شعري الناعسة، تبتسم وأنت تطمئنني بكلمتك ” لا داعي للقلق”. ولأني أثق باعترافك من اللحظةِ الأولى، يغمرني معك الأمان، فأبتسم مثلك وأود لو طالت الغفوة حتى الصباح

أعتدل في جِلستي وألمحُ الطيف يتوارى من أعين صديقاتي اللاتي وصلن لي ولا زلنّ يترقبنّ إجابتي عن سرّ الابتسامة والنور والرجفة.
……………………………………………………..