6 مايو، 2024

منى ابو غدير تكتب : سُجَاح بنت الحارث بن سويد التميمية

منى

تنتمي إلى بني يربوع من بطون بني تميم، وهي التي ضُرب بها المثل في الكذب فقيل: أكذب من سُجَاح، اعتنقت الديانة النصرانية نتيجة زواجها من أحد رجال بني تغلب القاطنين في أرض العراق.

وكانت امرأةً تُجيد القراءة والكتابة وهو أمرٌ نادرٌ في زمانها إلى جانب مقدرتها على تطويع اللغة لصالحها فكانت كثيرة الأسجاع فصيحة اللسان تجذب إليها الأسماع مما أهَّلها لقيادة قومها قيادةً حربيةً بعزمها على غزو حاضرة الخلافة الراشدة في المدينة ومحاربة أبي بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- وكذلك غزو مكة.

كانت بداية تمرد بني تميم على خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- حين امتنعوا عن دفع الزكاة إليه أو تقسيمها بين مستحقيها، وتزامن ذلك مع قدوم سجاح التميمية إليهم قادمةً من أرض العراق على رأس جيشٍ مكوّنٍ من أعمامها بني ربيعة وبني تغلب وإياد وشيبان والنمر قاصدةً غزو المدينة المنورة وذلك بعد إدعائها النبوة أسوةً بغيرها من المتنبئين الذين ظهروا قبيل أو بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

عندما وصلت سجاح التميمية بجيشها إلى منطقةٍ قريبةٍ من قبيلتها بدأت في مراسلة بطون بني تميم طالبةً منهم الدعم والمساندة فاستجاب لها بنو مالكٍ لها بقيادة وكيع بن مالك وبنو يربوع بزعامة مالك بن نويرة الذي انفصل عنها بعد الهزيمة التي مُنيا بها في حربهم ضد أحد بطون بني تميمٍ يقال لهم: بنو الرباب.

ونتيجةً لذلك عادت إلى طلب المساندة من بطون بني تميمٍ لغزو المدينة لكنها فشلت في التأليف بين تلك البطون المتناحرة أصلًا لأسبابٍ سياسيةٍ وسياديةٍ.
عندئذٍ قررت التوجه نحو اليمامة لمحاربة مسيلمة الكذاب.

في تلك الأثناء كان مسيلمة الكذاب منشغلًا بمحاربة القبائل المجاورة، كما كان يتأهب لصد جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد المرتقب مما دفعه إلى مهادنة سجاح التميمية والإتفاق معها طالما أنّ هدفهما واحدٌ وهو محاربة مقر الخلافة والقضاء عليه، ونتج عن ذلك الإتفاق زواج مسيلمة الكذاب من سجاح، ودمج الجيشيْن معًا لمحاربة المسلمين، ودفع نصف غلَّات اليمامة إلى سجاح وتترك عنده من يأخذ النصف الاخر ، تزوجت سجاح من مسيلمة الكذاب فكان صداقها أن وضع عن قومها صلاتي الفجر والعشاء .

وبعد ثلاثة أيامٍ من الزواج عادت سجاح إلى قومها بني تغلب حاملةً معها الغلَّات وتاركةً خلفها مندوبًا عنها ثم غزا جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد مسيلمة ووقعت معركة اليمامة التي انتصر فيها المسلمون وقُتل مسيلمة الكذاب بيد وحشي قاتل حمزة بن عبد المطلب وانتهت نبوته.

أما سجاح فعاشت بقية حياتها حتى وفاتها في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة 55هـ في قبيلة بني تغلب مغمورةً لا يذكرها أحد، وقيل أنها أسلمت وحَسُن إسلامها هي وقومها في نهاية المطاف، ويرى المؤرخون أنّ ما دفع سجاح إلى إدعاء النبوة وغزو المدينة هو الدافع الديني إذ كانت نصرانيةً ناقمةً على الإسلام.

قال ابن الجوزي في المنتظم :
“ولم تزل سجاح في بني تغلب حتى نقلهم معاوية عام الجماعة في زمانه، فأسلمت وحسن إسلامها”
وقال البلاذري في فتوح البلدان :” وقال عبد الاعلى بن حماد النرسى: سمعت مشايخ من البصريين يقولون: إن سمرة بن جندب الفزارى صلى عليها وهو يلى البصرة من قبل معاوية”.