11 مايو، 2024

“أيام لا تنسى” للقاصة : عزة عز الدين _ مصر

عزة عز

عزة عز

أيام لا تنسى
عندما يكون الرزق صُحبة

مارس ٢٠١٥ في جلسة ودية هادئة أخبرت صديقتي آمال عن رغبة جارفة لأداء العمرة، ولم أكن أعلم أن وراء هذه الدردشة العادية حلماً يتحقق فقط بإرادة الله، لم تكن العمرة الأولى فقبلها مرتان وبعدها مرتان ولكنها العمرة المميزة بكل تفاصيلها، في صباح اليوم التالي مباشرة تلقيت اتصالا ًمن آمال تراجعني فيما ذكرته وتدلني على قريب لها يملك شركة سياحية تنظم رحلات العمرة وكيف أنني سأتلقى معه كافة التيسيرات الممكنة، زاد حماسي وفوراً جددت جواز السفر، ولأن لي حبيبة تعمل طبيبة في مكة فقد كانت أول من بشرتها ببدء استعدادي للرحلة الرائعة، فأكدت حتمية استضافتها لي طوال أيام العمرة خاصةً أنها وحيدة في سكنها حيث توفر المستشفى سكناً خاصاً لكل طبيبة.

بعد أيام التقيت بصديقتي نجوى همست لها ” عندي خبر حلو” فقالت ” وانا كمان عندي خبر أحلى” وإذا بالخبرين واحد، هي أيضاً تستعد لرحلة العمرة وكانت الصدفة التي لو رتبنا لها ماكانت بهذه الدقة، كلتا الرحلتين في ذات الوقت تماماً لأسعد بصحبة دافئة ويغمرني أكثر توفيق الله وفضله.

ثم تتوالى المنح الربانية ليستقبلني ابن صديقتي في مطار جدة وقد انفصلتُ تماماً عن الشركة السياحية على وعدٍ بلقاء العودة في مطار جدة دون أي تأخير، ويتطوع المهندس الصغير سناً والكبير قدراً أن يأخذني لمنزل سلمى ويتفرغ بوقته بعد العمل تماماً لتنقلاتي ومعي سلمى.

أمام المنزل تطل عليّ بابتسامة ومن قلبها الكلمة ” أنا ف حلم ولا ف علم”.
هي أيام مميزة من عمري قضيتها في ضيافتك حبيبتي وأشهد الله لو شقيقتي ما رأيت منها أكثر من جودك ومحبتك وسعادتك بي.

صباح اليوم التالي نتجه سوياً لأطهر بقعة على الأرض، ألتقي بصديقتي نجوى أمام الحرم تقبض على كفي لندخل ثلاثتنا وأمام الكعبة المشرفة تتضاءل كل الأشياء والمشاعر والجُمل، تنهمر العبرات لتجلي شوائب النفس وفي الزحام يمدنا الله بطاقة أكبر للتحمل، فرغنا من الطواف وتدفقت ابتهالاتي ودعواتي وأنا في صحن الكعبة ترعاني صديقتاي وكأني ابنتهما، هو رزق من الله، نعم والله فالصديق الطيب رزق، ثم إلى السعي بين الصفا والمروة تردد إحداهما ونتمتم بعدها، انتهينا ووقفنا لأداء الصلاة فإذا بي أشعر بصوت من الجنة ” لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله” يكاد قلبي ينفطر حباً وخشوعاً وأنا في معية الله.
الإمام ماهر المعيقلي حفظك الله وجزاك عنا خير الجزاء.

نعود إلى المنزل لتحتفل بي سلمى من جديد، نتسامر حتى الصباح، وكأن حلاوة الأيام تغمرني دنيا و ديناً.
تغدق عليّ صديقتي الأخرى في مكة “ريهام” بكرمها وحفاوة استقبالها.

صباح الجمعة باكراً اصطحبنا فتحي للمدينة المنورة ننهل من نفحات السيرة النبوية العطرة وهناك التقيت مرة أخرى مع نجوى التي سبقتني للمدينة لارتباطها وأسرتها ببرنامج الشركة، معاً ارتوينا بالصلاة على الرسول وفي الحرم المدني عبقٌ خاص وأناس نستشعر طيبتهم ربما أكثر من أهل مكة ولا أدري ما السبب، ثم يغدق علي ربي بكرمه أكثر وأكثر فأصلي في الروضة الشريفة وأنهل من عبق المكان ما لا ينسى أبداً.

تمر الأيام سريعة بين الصلاة والطواف والاستمتاع بالمزارات ولم يخل الأمر طبعاً من التسوق للهدايا، فكانت سلمى وريهام تأخذاني للمولات الأفضل، أيام من العمر مرّت كحلم جميل وددت لو لم ينته، ورغم تكرار الرحلة إلا أن هذه المرة تبقى المميزة بكل تفاصيلها وصُدفها وصحبتها الرائعة.

في اليوم الأخير ولأن كلمة الشكر لا تكفي، وجدتني أكتب على قصاصات ورق ملونة عبارات حب وامتنان وذكريات مختلفة لسلمى، ولصقت كل ورقة بمكان مختلف في أرجاء الشقة، انبهرت حبيبتي بتصرفي البسيط جداً والذي لم أملك وقتها سواه ثم ودعت الجميع وكأني أفارق أهلي، وإلى مطار جدة اصطحبني ذو النبل والمروءة لألتقي بالمسئول عن الرحلة وأعود للقاهرة.

صباح اليوم هاتفتني ريهام للتهنئة بالشهر الفضيل وتذكرنا هذه الأيام الغالية فقررت أن أكتب عنها.
لكل من ذكرت اسمهم في هذه السطور مودة خاصة جداً في قلبي.
أحبكم كثيراً وأدعو لكم دائماً بظهر الغيب.

وأنت يا سلمى سلّمك الله حبيبتي من كل شر لن أنسى ما بيننا أبداً، تدركينه جيداً وسيبقى لك دوماً في رفيف الروح.
………………………………………………………