2 مايو، 2024

“فات الاوان” للقاصة : عبير توفيق _ مصر

فات الأوان

لم يكن يتخيل أنه سوف يأتى اليوم الذى سيتحرر فيه من القيد الذى أدمى معصمه لسنوات طوال، أو أنه سيحطم الحواجز والحدود التى حالت بينه وبين تذوقه طعم السعادة وراحة البال, وظن الجميع أنه سيدور في فلكها طيلة حياته ولن يخرج عن المدار الذي حددته له منذ البداية، وها هو اليوم يخلف ظنونها و ظنون الجميع الذين راهنوا عليه بفعلته هذه، فاليوم وهو في أوج سعادته يشرد بذهنه في الماضى الأليم، ليتذكر سنين العمر التي ضاعت،
محدثا نفسه قائلا : لقد أُهدرت حياتي وسُلبت مني، فهي تعشق التأفف والتضجر بسبب وبدون سبب ولا ترتضى أبدا، تهوى الخصام والهجر داخل المنزل وخارجه وخاصة في الأعياد والمناسبات ، فكانت لا تضن على، بل كانت تكافئنى وتزيدنى من جرعة الهموم والأحزان،
فقد ظنت أن حلمى معها وصبرى على طباعها الشاذة أننى ضغيف الشخصية وعديم الإرادة،، ولا تعلم أن طيب الأصل وكرم الأخلاق هم من أجبرونى علي معاملتها بالحسني وألا أقابلها بأفعالها، وأننى كنت أتناسى ولكننى لم أنس أبدا عشرتها السيئة، فقد حاولت كثيرا إصلاحها لكن دون جدوى، وذكرت لها مرارا وتكرارا بأن غضب الحليم مثله مثل البركان الذي يظل كامنا وبدون مقدمات ينشط ويثور ثم يبدأ في قذف الحمم التي تصهر كل من يقف أمامه، ومن اليوم فلتعلم أن كل صبر وله حدود،
وظل يهمهم مع نفسه، ونسى تماما أن صوت الزغاريد يعلو ويرتفع بجانبه من كل ناحية والجميع يهنؤونه، وأنه يضع يده في يد صهره الجديد والمأذون يجلس بينهما ليلقنهما صيغة الكلام ويقول له : “مالك ياعريس هي الفرحة مش سيعاك ولا إيه،قول ورايا” : وأنا قبلت الزواج من إبنتكم البكر الرشيد.