29 أبريل، 2024

فندق كتراكت بأسوان .. أسطورة على ضفاف نهر النيل .. وشاهد على العصر

أسوان: نجوان السلواوى

قطعة من التاريخ جمعت بين روعة الأساطير، وسحر الحضارة الفرعونية، تتلمسها بوضوح على جدران وقاعات وأفنية فندق “كتراكت” القابع في قلب مدينة أسوان الساحرة بجنوب مصر ، جوهرة تطل على شاطئ نهر النيل تحكي لنا جزءا هاما من تاريخ المحروسة ..

صمم فندق “كتراكت” على الطراز الفيكتوري حيث كان الطابع الإنجليزي غالبا على الطراز المعماري لهذه الفترة الزمنية، وقد صمم الفندق على كتلة صخرية مما يتيح لنزلائه التمتع بمظهر النيل المتجه للشمال، وقد ظهر أول إعلان للفندق في جريدة الـ”إجيبشيان جازيت” يوم 11 ديسمبر عام 1899 و نص الاعلان على وجود غرف كبيرة و شقق فندقية ومكتبية وطاولة بلياردو، ومدفأة و كهرباء يعملان طوال الليل، وكان الفندق في ذلك الحين يستوعب نحو 60 ضيفا مقيما ..

وفي عام 1901 زاد الطلب بشدة على الغرف حتى اضطرت إدارة الفندق لإقامة الخيام لإقامة النزلاء وتم إضافة غرف جديدة عام 1902 لتضاعف عدد الغرف وانتشرت شهرة الفندق في العالم كله .

وفي 10 ديسمبر عام 1902 حضر الخديو عباس حلمي حاكم مصر الى الفندق ، و”ديوك كونوت” الابن الثالث للملكة فيكتوريا، واللورد “وليدي كرومر”، والسير و “نستون تشرشل”، و”جود إيرد” مهندس سد أسوان الذي أرسى حجر أساس السد في نفس اليوم، بالإضافة إلى باقة كبيرة من رجال الدولة والوزراء، وقد حرص الفندق منذ ذلك الوقت على استضافة علية القوم ومشاهير العالم على مر السنين، كان أشهرهم “أغاخان الثالث” الذي واظب على زيارة الفندق كل عام للعلاج من مرض الروماتيزم، وكانت أولى زياراته للفندق عام 1937 حيث قضى شهر العسل في الجناح الجنوبي في الدور الثاني وعقب وفاته عام 1957 طلب أن يدفن في أسوان، وقد استغرق بناء قبره نحو عامين واليوم يستطيع الضيوف أن يروه من شرفة الفندق في الوقت الحالي ..

ومن زوار الفندق التاريخيين أيضا قيصر روسيا “نيكولاي الثاني”، وعالم‏ ‏الآثار‏ ‏الإنجليزي ‏”هاورد‏ ‏كارتر” مكتشف‏ ‏مقبرة‏ ‏الملك‏ ‏الذهبي توت‏ ‏عنخ‏ ‏آمون، والملك فاروق ، والكاتبة الشهيرة “أغاثا كريستي” والتي كتبت قصتها العبقرية “جريمة على ضفاف النيل” حيث استوحت أحداثها أثناء جلوسها في شرفة غرفتها بالفندق، كما صور الفيلم فيما بعد في “كتراكت”، والملك محمد‏ ‏الخامس‏ ‏ملك‏ ‏المغرب‏‏، والأميرة‏ ‏ديانا‏ ‏اميرة القلوب ..

ورغم أن الطابع الهندسي الخارجي للفندق ذو طابع فيكتوري ، لكن التصميم الداخلي للفندق ذو طابع شرقي، والمطعم الرئيسي ما زال موجودا للآن يتمتع بطابع أندلسي فريد، ذي قبة ترتفع على الأرض بنحو 57 قدما، والعواميد مستوحاة من مدفن السلطان قلاوون بالقاهرة، أما الزخارف فمستوحاة من جامع ابن طولون في القاهرة أيضا، والمطعم الرئيسي مصمم ليستوعب 200 ضيف، كما يضم المطعم مكانا غير مرئي مخصص للأوركسترا ..

وأشهر الأماكن الموجودة في الفندق هو التراس الخاص بالفندق حيث يمكن للضيوف رؤية غروب الشمس من الساعة الرابعة إلى الساعة السابعة مساء، كما كان الجناح الملكي هو المكان المفضل للملك فؤاد، وكان النحاس باشا رئيس وزراء مصر يجلس على الأريكة في الجانب الأيمن من البهو الفندق وكان طعامه الخاص يعد في مطبخ الفندق القديم ..

ويذكر انه فى عام 1939 ومع بداية الحرب العالمية الثانية حيث كان “روميل” و”مونتغمري” على مشارف العلمين أرسلت الأسر الإنجليزية في مصر بناتهن إلى أسوان للحماية من الحرب القادمة واختلطن وقتها بالعائلات التي كانت تقيم بالفندق وغير قادرة على العودة إلى بلادها، وكانت هذه هي المرات الأولى التي يسمح للجنود بالدخول للفندق بالزي العسكري ..

وفى بداية عام 1946 ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية ظهرت أول صحيفة تصدر بعد الحرب وظهر بها إعلان للفندق في ديسمبر عام 1946، وكانت إدارة الفندق سويسرية، وكان الموظفون الأجانب بها يونانيين وإيطاليين وسويسريين، أما الموظفون المحليون فكانوا من أهل النوبة ..

وهكذا استعرضنا الجانب التاريخي للؤلؤة النيل “فندق كتراكت” بأسوان .. نتمنى ان تكون جولتنا التاريخية في ذلك المكان العريق قد أعجبتك

..