12 مايو، 2024

” الخانعون ” للشاعر : مختار إسماعيل بكير

قل للمليحة في الخمار الأسودِ”
يئس المسافرُ من بلوغ الموعدِ

قد كان يحلم أن يلاقي أرضَه
فيضمها من غير أيِّ تردد

ويُعيدُ أيامَ الطفولةِ فوقَها
يجري بلا قيدٍ ، بغير تعَمُّد

يئس المحاربُ أنْ يُحرر نفسه
أو أن يُقاومَ في الهواءِ المُفسِد

ولأن أقصانا يئِنُّ ويشتكي
فلقد نسيتُ الآن وِجْهَةَ مَقْصِدي

فلقد تركنا للغزاة دُرُوعَنا
وسيوُفُنَا ماتت بغيرِ تَشَهُّد

صُلِبَتْ على أعتابنا كلُّ المُنى
ورقابنا تحت الحذاء المعتدي

يسري التفرُّقُ في العراق ، وخاننا
شيخٌ أتانا في ثيابِ مُوَحِّد

أوغادهم سَجَنوا صهيل خيولهم
باعوا العراق فلم يقم من مرقد

تركوا على الشام الحبيب كلابَهم
وعويل أطفالٍ بقلبٍ مُجهد

وعلى رُبَا صنعاءَ شرٌّ يرتدي
نظارةً ما أبصرت كي نهتدي

فقرٌ وجوعٌ فوق صوتِ قنابلٍ
وجيوشُ سُلٍّ عُلِّقَت بتَفرُّد

لبنانُ أيتها الجميلة فاغفري
ما كان من عجزٍ يُرى وتشرد

بيروت يا نبت الجمال وأرضه
قومي بلا عُربٍ هناك لتسعدي

وعلى الخليج بيارقٌ وجحافلٌ
تحتل من خير البلاد المُوْقَد

وعلى ضفاف النيل ترقد هِمِّةٌ
لبست من الهم الثقيل الأسود

وبها الزهور الذاويات حزينةٌ
والطير ليس بطائرٍ ومُغرِّد

وعلى ثرى السودان تنبُتُ فتنةٌ
“فَرِّقْ تَسُدْ ” تأتي بصوتٍ مُلْحِد

نختال في النعرات حتى أننا
نصْبُو إليها في ثياب تودُّد

تعلو على أقمارنا نجماتُهم
ونروح ننعتُ عبدَهم بالسيِّد !!!

راياتهم عجباً تُحلِّق فوقنا
والسيف أدمن نومَه في المغْمَد

وأنا وأنت وكلُّ أطيافٍ هوت
مستمسكون بواهنٍ مُتبلِّد

متفرقون ، مشتتون وليتنا
عدنا إلى مجدٍ قديمٍ أسعد

ومُغيَّبون عن الحقيقة مثلما
غاب المًصَلِّي عن بلوغ المسجد

ضاعت معالمنا وضاع بريقُنا
وتواصل الضعف المُهَيْمِنُ في غدي

الآن مُدَّتْ للعدو جسورُنا
باسمِ السلامِ الزائفِ المُتَقيِّد

ندعوهمُ أهلَ السلام وإنهم
للرافضون لأي أيِّ تَعهُّد

الناقمون على الخليقة كلِّها
والكارهون لكلِ دين محمد

الشاربون دمَ الطفولة عُنوةً
القاتلون الحُلم خلف تهوّد

فاقطع ذراعك لو يُمَدُّ مصافحاً
واخلع فؤادك لو يَرِقُّ لمعتدي

وانظر إلى الأقصى الجريحِ وحالِه
واكتب عن الذل المُهيِن وعدّد

فارفع يدَ التطبيع قبل فواتها
وارسم بهاء الرفض أجملَ عسجد

يا أيها النجم المحلِّق عالياً
إني أضعتُكَ حين بانَ تردّدي

إن اليهودَ همُ اليهودُ ولن ترى
إلا خيانَتَهم تفي بالمقصد

نبني لهم دُوراً مكان ديارِنا
وتصيرُ حُرْمتُها كحُرمَةِ مسجدي

ومراقصٌ تُبنى على أوطاننا
وتقودنا من فوقِ فوقِ المعبد

وعدوُّنا لا شيء يبلغ فُجْرَهُ
وشيوخنا زيفٌ يُطِلُّ ويبتدي

بكَ نقتدي والخمر منكَ جلِيِّةٌ
يا شيخُ قد ضلَّ الهدى والمُهتدي

يا شيخُ في كبدِ السماء تفتقت
كلُّ الجراح من الفؤاد الأمجد

يا شيخُ سُحْقاً ثم سحقاً للذي
سكب الخمور على رؤوس السُّجَد

سحقاً لمن باع القضية واشترى
عُهراً وشيطاناً وذلاً سرمدي

سحقاًً لمن هانت عليه عروبتي
وسعى إلى الخنزير يُمسِك في اليد

سحقاً لكل قصائدي ما غَيَّرت
وجه الزمان الأعْمشَِ المُتمرد

سحقاً لمن ترك الدموع لقيطةً
تجري بغير أبٍ هناك وموعد

سحقاً لأنياب الكلاب فإنها
نهشتْ عظام الحالمين بسؤدد

سحقاً لمن منع الضياء وقادنا
نحو الظلام الداهم المُتَلَبِّد

يا أيها العُرْبُ استفيقوا وانهضوا
فالغربُ أشهرَ سيفَه بتَوَعُد

يا أمةً يوماً أضاعت عِزَّها
عودي إلى المجد العتيق ، توحدي

واللهُ ناصِرُنا فهُبِّي وانهضي
واذا أردت المجد يوماً …وَحِّدي