4 مايو، 2024

“هذا ما قالته” للشاعرة : فاديا الخشن

طاقة القدر
…………………………….
مافي أعز من الولد إلا ولد الولد
,
هذا ما قالته لي صديقتي سعاد وهي بمعرض حديثها عن جديها ,وحبهما وحدبهما عليها راجية بأن أكتب قصةسردتها لي كانت قد تمت أحداثها في بيت جدها
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
كان جدها إنسانا ناجحا , على صعيد العمل تمكن من افتتاح أكثر من مصنع , وكانت لديه ابتكاراته الذكية, من أجل الحصول على المال الحلال , لكنه كان كريما إلى حد التبذير

الأمر الذي كان يزعج جدتها ويبقيها على خصام دائم معه فهي المرأة القروية , التي تتمنى أن تنجب الذكور ليكونوا عونا لهما على الحياة .لذلك انجبت أربعة ذكور وستة فتيات حيث كان الاعتقاد السائد آنذاك بأن العائلة الكبيرة هي السند الحقيقي للأم والأب وبأنها تمنع الرجل من اقتراف الحماقات والنزوات الطائشة والزيجات غير المتكافئة

خاصة بان جدصديقتي سعاد كان ابن مدينة , وكانت جدتها ابنة قرية تعرف عليها أثناء زيارة سياحية لتلك القرية , وأحبها من أول نظرة على حد قوله
لم يكن من السهل ,أن يحظى جدها بجدتها كزوجة له . مالم يخضع لعادات وتقاليد ا لقرية ,التي كانت تقضي بأن يرفع العمدة
والعمدة هي ثقل حديدي, له طرفين , كان يفرض على أي عريس غريب أن يرفعها ,كي يثبت أنه قوي وكي يحق له الإقتران بفتاة من القرية

وربما من حسن حظ سعاد , أن جديها كانا مثقفين ,لم يكونا (دقة قديمة )و أفكارهما غير متحجرة , أو سقيمة أو ضيقة أو متطرفة , وبذا كان من اليسير التغلب, على الحواجز , التي كان من الممكن ان تقف عائقا , في سبيل اتصالهما بها كفتاة من جيل غير جيلهما

لقد كانا يستنشقان أو كسجين الإيمان الصحيح , والنقي الخالي من النعرات الطائفية والعنصرية والتعصب الأعمى والتطرف
ايمان يشذب الروح فتشف يركز على أهمية العمل الصالح والمضي في نهج الإستقامة الذي يساهم في عقد علاقات سليمة مع الناس
فالجد على حد قولها كان رجلا متجاوزا لحواجز الخصومة , زهراوي العشرة محبوب بين أقرانه , صاحب طرفة .
وكانت جدتها تتمتع بإرتجالية استثنائية , تساعدها على استقطاب محبة كل من يعرفها, محطمة بذلك معادلة الغيرة والحساسية ,
أي لم يكونا ممن يهمل اللباب , ويتعلق بالقشور
بمعنى آخر كانا كتابها الذي تقرأ به معنى الحياة , الهادئة والمستقيمة ,

والذي يفتح ذهنها ,على حقائق الدنيا ,و يساعدها ,على رسم الصورة التي سيقوم على هديها مستقبلها ,
فهي لا تنسى أبدا ,كيف كانت تجتمع العائلة كلها , على مائدة عامرة بالأطايب في شهر رمضان . ولا تنسى ابدا كيف كان جدها وجدتها يتأهبان

لليلة القدر
ليلة القدر التي كانت ذات خصوصية لديهما يتمنيان إدراكها ,و ينتظران أيامها كمن ينتظر وجبة دسمة كما كانا يقومان لأجلها بطقوس نورانية

فيكثران من أفعال الخير ,وينغمسان في طاعة الله,
أي أنها لم تكن كبقية الليالي , وكانا يدركان بأنها ليست كورقة اليانصيب قد يبلغها من يشاء ,وكيفما شاء , بل هي نتاج للأعمال الصالحة ذات القيمة في الميزان الإلهي لهذا كانا يلتمسانها

في العشر الغوابر) وذلك في الأيام العشرة الأخيرة ,من شهر رمضان .وكانا يكثفان من طقوس العبادة , والتهجد والأدعية والأعمال الخيرة والصدقات والصلاة كإطعام مسكين , أو التبرع لمشفى,أو مساعدة عاجز ووو الخ وكانا يقيمان الصلاة حتى مطلع الفجر وكانت سعاد تسأل جد ها مامعنى ليلة القدر ؟
فكان يشرح لها كلمة قدر تعني الشرف العظيم يا ابنتي فهذه الليلة خير من ألف شهر وكانت تسأله لماذا يا جدي ؟
وكان يجيبها لأن القران الكريم قدنزل على الرسول محمد ص في هذا الشهر وكان يقرأ عليها ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ,ليلة القدر خير من ألف شهر ,تنزل الملائكة والروح فيها ,بأمر ربهم من كل أمر
سلام هي حتى مطلع الفجر)

)و كانت تسأله أيضا ألا يوجد دعاء خاصا ليدركها الإنسان ؟ فكان يذكرهابجواب الرسول على السيدة عائشة حين قالت له ( إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها يا رسول الله ؟قال رسول الله صلى لله عليه وسلم
( اللهم إنك عفو , تحب العفو , فاعف عني .)

)وكان سؤالها الملح لم تواصلون الصلاة والأدعية حتى الفجر ؟ فكان جدها يقول لأن رسول الله محمد عليه الصلاةوالسلام قال ( من أقام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري

ولما سألته كيف يمكن أن يعرف الإنسان انه قد أدركته هذه الليلة الشريفة , ماهي علامات ليلة القدر؟ كان يقول لها من
قوة الاضاءة والنور في تلك الليلة
طمأنينة القلب وانشراح الصدر
والرياح تكون ساكنة
وان الشمس تطلع صبيحتها من غير شعاع
كانت تشعر بان معتقدهما الديني عفوي لم يغلف بغلاف سياسي أو دعائي بل هو حل لأي اضطراب فكري , مادام يبعدهما عن الأذى واقتراف الشرور ,

ضمن هذه الأجواء النورانية , نشأت ,صديقتي سعاد

وفي ليلة من ليالي رمضان العشرة الأخيرة حدثت هذه القصة

إليكم القصة

بينما كانت الجدة في حالة تهجد تتلو الصلوات والأدعية , مغلقة عينيها , طالبة من الله العفو والمغفرة غائبة عن العالم البشري متصلة بعالم علوي نوراني تقربا إلى الله وسعيا لتطهير النفس من أدرانها ,
فإذا بضوء كضوء البرق , يخترق المجال الجوي ,ضوء باهر, فتح عينيها , فنهضت مذعورة , وبسرعة هائلة نهضت كطائر العنقاء , صارخة , يا الله يا الله اعف عني يا الله اعف عني واغفر لي ظنا منها أن أبواب السماء
قد فتحت لها دون سواها , صرخت بأعلى صوتها إنها ليلة القدر لم تكن لتتوقع بأن هذا النور هو النور الذي يسبق مدفع السحور انتبهت له لأنها لم تكن في الغرفة بل في التراس , انطلقت دون وعي باتجاه الدرج صارخة يا الله .. يا الله ,, يارحيم .. يا غفور,, اغفر لي ,, واعف عني يا الله اعف عني يا الله صارخة دون وعي فسقطت على الدرجة الأولى من الدرج
وتضررت يدها , ولويت قدمها . و لم تعد قادرة على النهوض

هذا الموقف المفاجيء , أضحك جدها كثيرا , فأسرع إلى نجدتها ,وهو يقهقه ضاحكا , قائلا كيف اعتقدت بأنك ستدركين ليلة القدر قبلي أو دوني ؟ فيما وقفت جدتها مذهولة مندهشة
, وكأن طيرا وقف على رأسها ,لا تدري ماذا حدث ولا ماذا تقول ؟ , كانت تتأوه من الوجع , فيما كان جدها يجدد ضحكته , لكن جدتها التي كانت تعض على الجرح , قالت بكل ثقة وتحد
, في المرة القادمة ان شاء , سيستجيب الله لدعائي فالله
وحده يعلم ما في الصدور , وهو لا ينسى عبده المخلص , لكن جدها لم يتوقف عن الضحك , وهي _ على الرغم من وجعها_ فقد كانت تخفي ضحكة تقول الكثير و تؤكد بأن الله يمهل ولا يهمل , وان ما لم يحصل هذا العام فسيحصل إن شاء الله في العام القادم ,ما دامت الإستقامة لديها قناعة ونهج حياة

فكل عام وانتم بخير