14 مايو، 2024

“لم يستطع” للقاصة : فاطمة الغامدى _ السعودية

كرتون

ارشيف

لم يستطع

قصة قصيرة

لم يستطع مشاركة عائلته الصغيرة أمسيتهم الجميلة هذا المساء، عاد من عمله متجهما ، مكتنزا هموم الأزمنة ،زوجته تهيء له أجمل الساعات وتطلب منه أن يخلع العمل على مشجب المعاطف المجاورللباب، عبثا حاول أن ينسى موقف مديره وهو يتجاهل جهوده وعطاءه ويكيل المديح لزميله الذي يتحدث أكثر ممايفعل . أحضرت زوجته طبق الحلو الجديد الذي تعلمت طريقة تحضيره من القنوات، لم يستطع تذوق أكثر من ملعقة لم يشعر بلذتها ، قالت زوجته بعد أن قرأت ملامحه : أنت ترى ماذا اعطانا العمل ،
الراحة والاستقرارالمادي ،وهاأنت معي وطفلين جميلين يمكننا أن نحجز إلى بلد جميل أو نساقر إلى فرنسا أو أمريكا أو جزر الكاريبي ، ابتسم وقال لها أنت على حق ثم تناول طعاما وقهوة ، قرر أن يلقي بطلب الاستقالة في وجه مديره أن يتخلص من عبودية العمل والقائمين عليه الأقل تميزا وكفاءة ، تشاغل بالنوم غفى مرهقا رأى نفسه وهو يقسم الراتب ، أقساط مدارس طفليه ، الكهرباء، الماء، المشتريات اليومية ، غير طريقة نومه ، أطفأ النور، تذكر سيارته الجديدة وأقساطها ، التزاماته تجاه أبويه ، تعهده بالمشاركة في ترميم منزل جاره. ترك سريره اتجه للحديقة ، لسعه الهواء البارد ، تذكر كرامته والظلم الذي شعر به ، انتقاص قدره ، وتقريب مديره لزميله الذي يتشاركان معا اختلاس جزء من أرباح المؤسسة ، توجسهم منه ، تشويه سمعته ، سيترك ذلك المكان الموبوء . الصباح يقشع المساء ، أشعته الساخنة تنتشر سريعا يتأمل وجهه في المرأة ، إنه مرهق كثمرة برتقال ضامرة، نظرات زوجته القلقة ، ملامح أطفاله المتوجسة ، الطريق تنطوي تحت أقدامه ، يقود سيارته ، يذهب للعمل ، يقترب من مكتب الإدارة ، يفتح الباب بعنف ، يقف في منتصفه ، يفزع المدير الذي كان يتهامس مع زميله ، ينظر إليه سائلا إياه مابك .؟ !! تنطلق رصاصات الكلمات حتى شفتيه ، يبحث عن مخرج لها ، فمه ، أين فمه !!؟ يبحث عنه فلا يجده ، يتحسس وجهه ، لاشيء الكلمات تتزاحم ، تصطدم بحواجز . يخرج راكضا ، يتفقد مساره المنعكس لعله سقط هناك ، يتفقد سيارته ، سرير نومه ، تسأله زوجته ، ماذا أضعت ، يحاول أن يرد فلا يستطيع ، اشعاررسالة نصية ؛ يفتح جواله ، تم ايداع الراتب في حسابك …