18 أبريل، 2024

” محاكمة ” للقاص : فايع آل مشيـرة عسيري _ السعودية

سعودى

سعودى

محاكمة ..

بدأ يستعيد اسمه المركَّب هو لا يعلم كيف بات سيداً رغم انه علي وبدأ يقلَّب في ألبوم صوره القديمة حتى وقعت عينه صدفةً على صورة له وهو مازال في الصف الثالث الإبتدائي..!
رأى طفولته فيهـا وأيقضت عنده أحزانه الأليمة..أخذته ذاكرته،وقدميه تسير لا تعلم إلى أين ..؟
كأنها تبحث عن وجه الحقيقة المظلم..
وقف “السيَّد علي “على عتبات سنوات ماضيات ألقته في وجه الزمان الغابر في عقده الرابع..
أجتر لحن الماضي كي يدندن للحزن أنشودة الطفولة..وبين أزقة قريته المهجورة يحاول قراءة المكان،والزمان
ركضاته،وأصدقاء الطفولة وأصوات الباعة،والمشترين..
حتى وقف بباب بيته الشعبي.. كأنه أراد أن يحاكم الجميع..بابه الخشبي يقف كشبحٍ أسطوري..حاول أن يبعث فيه الحياة وأمسك به بقوة،ويبدأ ينازعه..لم تكن تتحرك فيه غير سلاسل وأغلالاً..حاول معه “السيَّد علي” لكن دون جدوى..ركله بقوة فسقط على الأرض،وتطاير الغبار على وجه الحاضر،وخرجت أسراب من الخفافيش،وبقي السيَّد واقفاً بالباب..
وأنزوت الشمس خوفاً من محاكمة “السيَّد علي”..!
يبحثُ في كل الوجوه التي أمامه ع وجه أبيه..قائلاً:
أبي لماذا رحلت عني،وتركتني لقسوة أعمامي،وتنكيل زوج أمي..لماذا رحلت..؟!
جدتي كانت لي بلسماً،وأماناً،ولكني كنت محتاجاً لك في وقتٍ مثل ذاك..!
جدتي..آآآهٌ يا جدتي لم يمهلك مرضك ولو سنوات كي أكمل دراستي،وأحلامي..
يقتربُ من رؤوس أعمامه وأنتم مالكم مطأطئين رؤوسكم،وكأنه قد أصابكم الخرس..أنتم من زرعتم فيني الحقد والكراهية،وقتلتم كل طفولةٍ بيضاء..أنتم من جعلني خلف القضبان،والسجون..وأحرقتم كل سنواتي الجميلة..كل هذا ومازلتم هنا..كيف لقلوبكم عمل كل هذا في طفلٍ يتيم،وابن أخ قد رحل..بتثاقل نحو تلك نافذة بيت المحاكمة..ينادي بصوتٍ مخنوق،والعبرة تقطع حديثه
أمي..أمي هل تعرفين هذه النافذة
هي التي لا أنساها فكم وقف بهـا أقراني منهم من يهزء بي،أو يبكي حالي،أو يخاف مني..ليس لشيء
إلا إنني يتيم بين صفعات أعمامي،وسلاسل زوج أمي كانت حياتي..أمي لماذا تزوجتي،وتركتيني
لا أعترض على زواجك،ولكنني طفلاً أراد حضن أمه..مالك هل أصبتي مثلهم بالخرس..؟!
يجهشُ بالبكاء..ويسقطُ أرضاً،فتحرك الرياح بقايا أوراقٍ من كتاب الماضي الدفين..فيمسح دموعه،وينظر إلى الباب فيرى ضميره يناديه..
يا علي لا تسألهم الأجابة فقد رحلوا
رحلوا جميعاً..!
أنهض بكرامتك يا علي فقد كنت ومازلت سيداً ودعهم فقد مضوا حيث مضوا ..
إلى الديان يوم الدين نقضي
وعند اللَّهِ تجتمع الخطوب