29 مارس، 2024

” ورود البنفسج “للقاصة : فاطمة النهام _ البحرين

ارشيف

ورود البنفسج

قصة قصيرة

ذات صباح من أيام شهر شباط، نزل (محمود نبيل) من عتبات درج العمارة السكنية، متوجهاً إلى محل بيع الورود. إنه شاب في منتصف الثلاثين، اعتاد كل يوم أن يرتاد المحل المجاور لسكنه ليشتري لحبيبته (ندى) باقة ورود البنفسج. كان ولا يزال متيماً بها، حتى أعماق الفؤاد، هي حبه الأزلي، وعشق حياته اللا متناهي.
منذ خمسة عشر عاماً وهذا الحب الطاهر يشعشع في قلبه، يذوب في دماء شرايينه يسقي روحه شهداً.
اعتاد أن يراها تقف في شرفة شقتها، تدنو الرياح منها لتلعب بخصلات شعرها الطويل الداكن.
وأحياناً أخرى، يراها تراقبه من وراء ستارة النافذة، تقترب قليلاً لتخطف الباقة ثم تفر هاربة إلى الداخل بخجل.
عطرها أزكى من رائحة ورود البنفسج، وخداها المتوردان أكثر جمالاً منه. لقد نسجت خيوط الحب لقلبيهما الكثير من الأماني، وبنت لهما قصوراً من الأحلام الجميلة، بنيت من طوب السعادة والعشق والأمل.
ولكن، ما لبثت أن تمزقت تلك القلوب بخنجر الظروف، وتبددت تلك الأحلام والقصور لتتحول إلى أطلال.
خفق قلبه بألم وهو يتذكر حديث والده له:
ـ هذا الحب -يا بني- لا أمل له.. هذه الفتاة لا تناسبك، والدها شخص معروف، وثري، لن يرتبط بنا نحن البسطاء. ابنة عمك (هدى) تحبك، وهي فتاة طيبة.
تذكر حديثه مع حبيبته (ندى) في آخر لقاء بينهما، قالت له بصوت مليء بالأسى:
ـ محمود، زفافي سيكون خلال الشهر القادم.. لقد اختار لي أبي زوجاً غنياً.
ـ لن يحبك أكثر مني.
ـ أعرف ذلك، لكن أبي اختاره شريكاً لي، ولن أستطيع أن أعارض اختياره.
ـ ألا تحبينني؟
ـ بلى، أحبك، ولن أحب أحداً سواك.. لكنه النصيب.
ترقرقت حينها عيناها بالدموع، وغادرت المكان بسرعة، مخلفة وراءها قلباً محطماً مكسوراً.
استفاق (محمود) من أفكاره، وتنهد بقوة. شعر بتنهيدته وكأنها تحرق صدره وحلقه، اقترب من نافذة غرفتها، ووضع الباقة، تأمل الشرفة وتمنى حينها أن يرى ابتسامتها الخجلى.
تساءل في نفسه:
ـ يا ترى، هل ستأتي في عطلة نهاية العام مع زوجها وولديها؟!