25 أبريل، 2024

” إليك يا بني ” للقاص : فايع آل مشيـرة عسيري _ السعودية

سعودى

سعودى

” إليك يا بني ” .

أبي..أبي..أبي..أرآهـا صنعاء.. آآآه يا صنعاااء !

ما أجمل نسيمها !
ما أجمل صوتها !
أبي هذه صنعاء أليس كذلك ؟
يا اااا الله كيف عدنا لليمن..؟!
صنعاء يا لحن اليمن.. صنعاء يا قلب اليمن .. صنعاء يا وجه أبي وصوت أمي ..
أبي لم يعد هناك دوي القنابل لا خوف ولا جوع ولا فقر !
لا حصار ولا تتشرد ولا ضياع !
آآآآآه يا صنعاء..!
ليتني أدخل مع أبوابك السبعة وأكبَّرُ سبعاً وأسجدُ حمداً أقبلُ ترابك .
صوت أولاد الحي يلعبون بدراجاتهم وكراتهم سعادة تملأ المكان .
يا الله كم أشتقت لك يا صنعاء , وأشتقت إلى ميدانها الستين !!
أبي أريدُ خبز الأزقة , وجبنة البائعين..أبي أريدُ أن نحصد البن ونصنع قهوتنا .. أتلمس حبات ذرتنا وقمحنا نعرضه للبيع في سوق صنعاء الكبير ..
أبي حتى الأبواق وحركة الناس والمشترين والبائعين مازالت صنعاء !
ليتني أتحسس على وجهك الجميل أمسح عن جبينك كل نصبٍ وكدٍ وعناء..
بعدما حاول الغرباء خطفك واغتيال براءتك !
يحدَّث نفسه طويلاً ويقطعها بتنهيدة طويلة قائلاً :
آآآآآآه يا صنعاء ..
ليتني أغني فوق كل العالم بقلب كل يمني أبَي ( أمي اليمن) يمسح دموعه ببقايا ذكرياته وحنين أطلاله , يحاول إخفاء وجعه في أعماق ثوبه المهترء !!!
أبي أبي لماذا لا تحدثني ولا تسمعني وهو يمسك بقميص أبيه البالي !!!في الوقت الذي كانت دموع أبيه الحرَى تدفع عربة البليلة المكلومة بين الأزقة الحيَة والوجوه المشرقة
يهمس للعالم دون أن يسمعه ابنه ؛ فيمنحوه ورقات من الريالات..
ولده كثير الأمنيات والأحلام فكل يوم يرى أنه في صنعاء يقظةً وحلماً , إنها رحلة تنادي الوطن بعيون الغربة والاغتراب , يناوله خبزاً فيتحسسه الابن برهة من الوقت ثم يعاود أسئلته قائلاً :
أبي لا تقل لي كعادتك بأن الطريق طويل كي نصل إلى صنعاء ..
بين مسنٍ ألقته الحرب واليأس وابنٍ يبحث عن وطنٍ وأملٍ تلَحُ أسئلة كثيرة على كاهل الأب وذاكرته لا تنفك تذكر صوت ابنه وهو يردَد لابد من صنعاء وإن طال السفر يمسح الابن دموعه يحاول أن يرى صنعاء وإن كان أعمى !
يسبح في بحر التاسعة من عمره يفتش في أعماقه عن عيون مستقبله الضائعة يستعيد وطنه عبر شريط ” الكاسيت ” يردَد معه ( أمي اليمن..أمي اليمن ..)
فهو لا يرى إلا صنعاء في الحياة فهي طفولته وذكرياته وحكاية جدته التي رحلت ولم يستوعب ذاك الفقد..!
وفي طريق العودة يناجيه أبوه قائلاً :
إليك يا بني .. كل صباحٍ تشرق فيه الشمس أحاول أن آخذك بعيداً نحو إشراقات الأمل والحياة نتخطى بهذا الأمل كل معاناة الحياة …
يمتطي خياله بعيداً فيجد نفسه بين حقول أبها فلاحةً وحصاداً وعطاءً وحباً ويكمل حديثه هو وطنك الذي ولدت فيه وولد فيه الكثير من شعوب الأرض ..
فكم احتضننا قديماً وحاضراً …
إنها السعودية !
وطن الخير والإحسان …
تبدو البسمة على وجه ابنه عادل قائلا :
السعودية !!!!
السعودية !!!
فيجيبه أبوه :
نعم السعودية !
أبها هي التي رأيت فيها عيون صنعاء الأولى ..
في هذه القرية نشعر أننا في صنعاء , نعم إننا في صنعاء , يقاطعه ابنه ثانية وثالثة لابد من أبها وصنعاء وإن طال السفر …
يبتسم أبوه وقد ضم ابنه إليه نعم يا بني فما أبها إلا امتداد لكل قطر في هذا الوطن العظيم وما السعودية إلا أمَ تحنو على أطفالها في كل شعوب الدنيا ..
هي مملكة الإنسانية .. يردد مع أبيه إنها مملكة الإنسانية …..