25 أبريل، 2024

” الضياع ” للقاصة : ندى الجليلاتى _ سوريا

الضياع… لا تحتاجُ سبباً لتلبس ضياعك، يكفي انعدام إيمانك بأية بوصلةٍ لتطرزه وشماً على جسدك( المرت….جف؟). جسدك فقد القدرة على الارتجاف فلماذا تصفه بما ليس فيه كشاعرٍ أضاع راحلته فأراد ابتداء قصيدة رثاءٍبالوقوف على أطلالٍ ما عادت هناك بعد أن بزغت من جوف أرض الخوف ناطحات سحابٍ شقت غيم أحلامك فأمطرت حبراً غير الذي اعتدت غمس اصابعك فيه وأنت تخط على وجه الأمل أملك. لا تقف على الأطلال فأنت اليوم في القرن الواحد والعشرين، قرنٍ تخاله أشبه بوحيد القرن وهو ينطح وحدتك وتوحدك في ذاتك. لقد ركلتِ الأيام ذاك الجراب الذي يحيط بالخيول الوليدة لحظة مغادرتها رحم الأم نحو واقع السقوط في الواقع. لا راحلة لديك اليوم سوى نحو القادم. تتوالى الأيام وتدوسها بلامبالاةٍ كمن يجري على بساط جريٍ سعياً لخسارة كيلوغراماتٍ زائدة تفصل بينه وبين بلوغ لياقةٍ تليق بالحياة. أسألني إن كنت أليق بالحياة؟ أجيبني ” لا أعرف” لكني واثقة أن الحياة تليق بي. هههه، الحياة الماكرة كيف اختارت لنفسها إسماً موارباً كهذا لتشحننا بكاذب الأمل. الضياع ثعلبٌ أيضاً فهو لا ينفك ييث فيك الوهم بأنه ليس النهاية وإن كان طريقك نحو حتفك، وأنت وبعد أن كسرت بوصلتك لن تدرك أنك تسلك طريق حتفك وأنت تتبع خيط الضياع الواهي بحثاً عن مخرج. الضياع رديف الحياة إذا ما تكلمنا بواقعيةٍ متجردين من صباغ الإصرار والعزيمة وأشهرنا حقيقنا في وجه الليل. الليل ما عاد يستر ملامحنا منذ ذابت تقاسيمنا وانصهرنا كرةً تتدحرج نحو مستقرها. لم تفقد رجليك لكنك ابتلعتهما كي لا تبتلعا المزيد من المسامير فقد مللت تمثيل دور الحصان الجامح الذي يواصل صعود المرتفعات. الكرة ذكيةٌ تعرف أنها تعيش على سطح كرةٍ وكما يقول المثل عندما تكون في روما إفعل كما يفعل أهلها، وبناءً عليه ليس أجدى من التدحرج، التدحرج الذي محالٌ أن يكون نحو الأعلى. القمة؟! ما عادت أي القمم مغريةً وقد بلغت قمة ضياعك. شعورٌ بالغثيان يجعلك ترغب بالهرب فتتدحرج هرباً من ضياعك نحو المزيد من الضياع. لم تخرج من جلدك وأنت تنحدر بسرعة، كل ما حدث أنك اكتشفت أن جلدك كان جلداً مستعاراً كالشعر المستعار فقد ولدت لحماً ودماً فقط اما جلدك فقد علق في جراب ميلادك، وما كنت تظنه جلداً لم يكن بأكثر من أول لونٍ لفحتك به الشمس أثناء طهو الحياة لك على نارٍ هادئة. أنت وجبةٌ جاهزةٌ للالتهام الآن لكن الحياة ستتركك لتتعفن قبل أن تدفنك كأسماك وجبة الفسيخ المصرية لتتلذذ بمذاق مرارتك.