11 نوفمبر، 2025

الجزء الثاني من رواية ” جوع وإشتياق ” للأديبة : إيمان العسال _ مصر

ايمان العسال

مرت سنوات على هذا الحال تجد النقود عند الباب تضعها في الصندوق وتصرف على الاولاد من عملها لدى تلك السيدة
لم يعرف الأولاد شيئاً عن هذا الصندوق الذى امتلأ عن أخره٠
لأول مرة أرادت أن تعد تلك النقود بعد أن أكتظ الصندوق بها فهى حصيلة سنوات عديدة ففوجئت بتجاوزها 100 ألف جنيه فهى لم تتوقع ابداً هذا المبلغ فنظرت لهذا الصندوق وكانت نظرة تحمل العديد من المشاعر ودار حديث مع نفسها أتترك العمل لترتاح ؛ فهذا المبلغ قد يؤمِّنها و تستغله لعمل مشروع وتحاول ان تعاود احتضان اولادها لكنها نسيت أنه قد فات الأوان فبعد موت المشاعر تأتي حياة ٠
في ذلك اليوم طرق الباب وهَمت لفتحه وإذ برجل باهت اللون لا تعرف لون ملابسه من الاتساخ شعره كثيف بعض الشئ يكسوه بعض المشيب إلى جانب مشيب الاتساخ وخطوط وجه ممتلئة بالتربة عيناه حمراوان بعض الشئ بهما بعض الشرود واظافره طويلة متسخة ٠
تراجعت للوراء فهى لا تعرفه إلى أن نادى بأسمها فأدركت ذلك الصوت لكنها كذبت نفسها ؛ لكنه أعاد اسمها مرة أخرى مستكملاً ألا تعرفيني ؟! ؛ وبادر هو بالإجابة أنا زوجك ؛ المريض بضعفي أمام لقمة العيش ؛ و قد عُدت وانا أكثر ضعفاً ضاعت كرامتي وفُنيت رجولتي كى أوفر النقود التي أرسلها إليكم تلك النقود التي لم أَكْل يوماً من الخروج في جنح الليل كي لا يراني أحد وأضع النقود من أسفل الباب ؛ لم أستطع النظر إليكم طوال تلك السنوات ٠
عقدت المفاجأة التي أذهلتها لسانها ونظرتها تبوح بما لم تنطق به أأنت الذي كنت ترسل تلك النقود التي حَرمت على نفسي وعلى اولادي الانفاق منها ٠
لقد فضلت السكوت ولم تتحدث إليه ببنت شفة ؛ ولم تتغير ملامحها نتيجة لفرح برؤيته أو حزن على حاله ؛ وتركته واتجهت إلى الغرفة واحضرت الصندوق والاموال المكتظة فيه والتي تكاد أن تقع فأغلبها من فئة العملات الصغيرة ووضعته على المنضدة وإذ بحضور الأولاد وكل منهم ينظر للصندوق وما به من اموال ولكل منهم نظرة تبوح بما في داخله
تُرى ماذا يدور بخاطر كل منهم ؟!