19 أبريل، 2024

“جدائل متعبة” للقاصة سعدية بلگارح _ المغرب

سعدية

سعدية

جدائل متعبة:

….غفوتُ أيضا ورأسي مائلٌ إلى رأس أمي الذي على صدري.. رأيتُني في الجنة أبحث عن أبي.. بحثت طويلا.. في كل الأماكن التي التقيته فيها ذات تسكع في مناكبها.. إلى أن عثرت عليه مستلقيا تحت خميلةٍ متشابكة الظلال.. جلست بجانبه وأنا ألهث من وصب البحث.. كنت أحدثه معتذرة عما بدر مني آخر مرة.. لم يجبني.. كان قد فارق الحياة.. لم أبكِ هذه المرة.. فقد تعودت غيابه.. أيقنت أنه فعلا لم يكن في الجنة.. فسكان الجنة لا يموتون.. لثمتُ جبينه البارد وأنا أودعه. أثار انتباهي وجود ورقة في يده.. كان يشد عليها بعناية.. سحبتها بصعوبة من يده المتصلبة..
لا تستطيعون يا أصدقائي توقع ما وجدته في تلك الورقة من أسرار وأخبار..
كانت مطوية بعناية، ومنها فاحت رائحة التراب حين فتحتها..
صادفني أول اسمٍ كان: فرانسواز.. تابعت القراءة. فهمت أنها إحدى زوجاته الأوربيات.. و له منها طفل اسمه ميشيل.. يصغرني بست سنوات.. شعرت باضطراب غريب بداخلي، يفلت عاطفتي من عقالها وإنسانيتي أيضا.. ففكرت في خنق هذه الزوجة وابنها بيدي، متناسية أنه شريكي في النسب والانتماء الأبوي.. ثم اعترتني رغبة جامحة في تمزيق الورقة.. أ من غيرة أم ضياع أم من إفلاس آخر ذاك الشعور؟
ثم استقرت عاطفتي، فنظرت إلى الورقة من جديد ثم حولت بصري إلى جثة أبي.. لم تكن في مكانها.. لم أستغرب.. فلم أعد أستغرب ..
عندما حملقت في السماء رأيته هناك تتخطّفه النساء. أمي لم تكن معهن… كانت على صدري غافية..
قررت التخلص من الورقة.. وأنا أحرقها سقطت منها أربعة أحرف، تئن من الألم.. خ و ل ة..
ما هذا؟ إنه اسمها ماذا تفعل خولة عند أبي؟
أدركت ما تبقى من الورقة.. أمعنتُ النظر حتى كاد بؤبؤاي أن يقتلعا من مِحجريهما..
هل المعنية هي صديقتي أم هو تشابه أسماء فقط؟
شخير أمي على صدري بدأ يزعجني.. لا أريد أن أفيق حتى أكتشف السر.. بسطت ما تبقى من الورقة:
شجرة النسب متفرعة، أبي في الوسط ، أمي بجانبه و الباقي حولهما، نساء وأطفال.. زينب وأنا في الصدارة مع أبي وأمي، ربما لأننا الأكبر سنا من أولئك الأبناء الآخرين.. خولة بجوار اسمي.. فمن تكون؟ لا بد من البحث عن اسم أمها.. الآخرون بأسماء غير عربية.. والعربيات الوحيدات خمسة هن: سعاد أمي زينب و مريم ثم في الجهة المقابلة، رابحة و خولة.. كانت الصدمة قوية علي.. تذكرت أن خولة لم تكن تتحدث كثيرا عن والدها… أكاد أفقد عقلي.. فهل خولة ابنة أبي؟
هل هي أ خ ت ي؟…