“لا تنتقد خجلي ”
أخبرتني ذات يوم أنني لن أكون لشخص غيرك، ناجيتني بقصائدك وأنت تنعتني دائما بملهمتك، واشتققت كلماتك من اسمي (إلهام) ، تذكرت يوم لقائنا الأول، أبهرتني بكلاسيكيتك، رغم صغر عمري إلا أنني كنت أميل لكل شيء كلاسيكي، جلسنا وتبادلنا الأحاديث، أخبرتني في ذاك اليوم أنني امتلك عقلاً راجحاً وفكرًا مستنيراً، ابتسمت في خجل وشكرت مديحك وإطراءك الجميل، كنت قد استمعت لقصائدك التي ألقيتها بصوتك الرخيم في بعض الندوات التي بت أحرص على حضورها دون أن ألفت نظرك لاهتمامي، تعددت بيننا اللقاءات، كلها كانت كلها في صميم العمل، كنت حريصةً على أن لا تلحظ التماعة مقلتي وألا يصلك عبير شوقي لحديثك، اسمعتني قصيدة علمت أنها رسالة منك وأنك تقصدني بها، ابتسمت وأدليت لك بإعجابي بها، فقلت لي:
ــ إنها لكِ يا ملهمتي.
توردت وجنتايَ خجلاً ولكن قلبي كان يقفز من بين أضلعي، همست إليه، اهدأ فانصاع لأمري وسكن.
صافحته، ضغط على أناملي وترك عطره الكلاسيكي عالقًا بها، غادرت المكان أكاد ألا أشعر بوزني، كانت الأرض لا تحملني من فرط سعادتي كنت اشعر وكأنني ريشة تسبح في الفضاء.
في المساء استقبلت مكالمتك الهاتفية، كانت المرة الأولى، حدثتني عن الحب فحدثتك عن الأمان، حدثتني عن الجمال حدثتك عن الاحتواء، حدثتني عن النضوج حدثتك عن الطفلة القابعة بداخلي، باغّتني بسؤال هل أحببتِ يومًا؟
فأجبت دون تفكير :
ــ نعم، لكن الخذلان كان أقوى من مشاعري.
لم تهتم أن تعرف تفاصيل ما حدث لكنك قلت لي:
ــ لا يهمني الماضي فلكل منا ماضيه، فأخبرتك أنها كانت مرحلة تافهة وسقطت من حياتي ولا داعي أن نحيي ذكرى أشياء ماتت وأصبحت رماداً ، كنت تسرد علي كلمات الحب والإعجاب وتناغيني بالأغنيات وبقصائدك، وأنا أصغي إليك في صمت، حدثتني عن خجلي الشديد في زمن قل فيه الحياء؟ سألتني :
ــ أتحبينني مثلما أحبك؟
انفرجت أساريري وابتسمت، فعاودت السؤال فقلت لك:
ــ سأرسل إجابتي برسالة، ارسلت إليكَ رسالة كان مفادها قصيدة للشاعرة (سعاد الصباح)
لا تنتقد خجلي الشديد فإنني
بسيطة جداً.. وأنت خبيرُ
يا سيد الكلمات هب لي فرصةً
حتى يذاكر درسه العصفورُ
خذني بكل بساطتي وطفولتي
أنا لم أزل أحبو وأنت قديرُِ
من أين تأتي بالفصاحة كلها
وأنا يتوه على فمي التعبيرُ؟
أنا في الهوى لا حول لي أو قوة
إن المحب بطبعه مكسورُ
يا هادئ الأعصاب إنك ثابتٌ
وأنا على ذاتي أدور.. أدورُِ
الأرض تحتي دائماً محروقةٌ
والأرض تحتك مخمل وحريرُ
فرق كبير بيننا يا سيدي
فأنا محافظة وأنت جسورُ
وأنا مقيدة.. وأنت تطيرُ
وأنا مجهولة جداً.. وأنت شهيرُ
استقبلتَ رسالتي بضحكة طويلة وقلت لي (أحبك) ، توالت اللقاءات والأحاديث بيننا أياماً وشهوراً وسنوات، ولم نخطُ خطوة واحدة لتكتمل فصول الحكاية، لا أنكر أنكَ كنت لطيفًا جدًا، لا أنكر إغداقك علي بالحب والمشاعر الفياضة ولا أنكر ابدًا دعمك الذي دفعني نحو الأفضل ولكن إلى متى سنبقى على هذا المنوال؟
سألتك يومًا :
ــ وماذا بعد؟ كيف سيكون مصيرنا؟
لكنك كنت دائمًا تراوغني و تهزمني بكلماتك المعسولة، ودون إرادة مني كنت أخضع لتسويفك وكنت أكتفي بلحظات عشق تحييني، دلفت ذات يوم إلى حجرة مكتبك كان يصدر منها موسيقى عمر خيرت التي تعشقها والتي أصبحت عشقي منذ أن أحببتكَ، لأجدك تجلس ملتصقًا بها، فاندلعت نار الغيرة بداخلي، سألتك يومًا عنها حين التقينا بها في إحدى الحفلات، فقلت لي إنها حبيبتك السابقة، سافرتْ بعد أن تزوجت من رجل ثري وألقت بأحلامكما في يم الذكريات، لكنك اليوم شطرت قلبي شطرين وأطحتَ بكل ما بيننا من أجل العودة لمن هجرتك يومًا، جعلتني أعلم أنني لم أكن لك شيئًا منذ البداية.
More Stories
لا يهُم التجاعيد المُبكرة ” رباعيات للشاعرة : مريم أحمد _ مصر
ياللى سرقتوا الورد ” خواطر الشاعرة : رضا عبد الوهاب _ مصر
طفلة عشقها الحروف ” للشاعرة : هويدا محمد الحسن _ مصر