كان للساقية دور أساسي في ري الأراضي الزراعية قبل انطلاق ميكنة الري. وفي عام ١٩٨٣ تم إحصاء من ٢٧٠ ألف إلى ٤٠٠ ألف ساقية على امتداد مصر كلها ، من الصعب وجود إحداها في حالة عمل.
ارتبط الفلاح بالساقية ارتباطا وجدانيا انبعث من علاقته اليومية بها أثناء ري الأرض، حيث صوت تمازج الماء مع حرارة الشمس واللون الأخضر الذي يملأ البراح .
فالساقية لم تكن لري أراضيهم فقط بل كانت لري أرواحهم وقلوبهم بالحب والخير والنماء، تمنحهم الأمل مع إشراقات الصباح، كانت ملتقى الأحبة والشاهد على قصص العشق والغرام.
وقد كتب الروائي خليل الجيزاوي في وصف مشاعر ارتباطه بالساقية ، في رواية ” خالتي بهية” الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ٢٠٢١ ، قال فيه:
……..
يقول عم عبده الفلاح: كنا ننتظر في شوق ولهفة ، ونحن صغار موعدنا في دور الساقية ، نجلس على مدار الساقية، لنستمع في نشوة حكايات أولاد الليل على موسيقى تروس الساقية وهي تحتضن تروسها بمحبة وشوق لا ينتهي ، على إيقاع وقع أرجل الثور الكبير ، وكان الثور يدور معصوب العينين بالغميضة ، وهي غمامة مصنوعة من البوص الطري نضعها على عين الثور، حتى لا يتوقف عن الدوران في الساقية.
وكان صوت الساقية القديمة وهي تدور يثير الشجن في النفوس ، ويطرب له الفلاح ، وكان يحلو لنا الجلوس على عمود الخشب الذي تلف به البقرة لتدوير الساقية التي تسمى الهدية ، ونردد المواويل الجميلة عن الصبر ، وكان عزف الناي الذي يمنح الساقية بعدا رومانسيا جميلا، كانت الساقية ملاذًا للأحبة الذين يتواعدون لرؤية بعضهم للحظات بعيدًا عن العيون الفضولية .
More Stories
احمد حجازى يكتب وتبقي مصر
اللواء حاتم الهيدبى يكتب أصالة المكان المصري
المستشار على سالم يكتب افتتاح المتحف