19 أبريل، 2024

“أوشك أن يجف بصري” للقاص : محمد الراشدى _ السعودية

سعودى

سعودى

يوشك أن يذهب بصري يا رفاق.. فمنذ أيام لقيت الجميلة التي أحبها في بث مباشر، تتلو الشعر، وتتحدث في الأدب، وقد أدنت إليها الكاميرا كما لم تدن من قبل، فكانت كأنها القمر العملاق ليلة البدر، والناس حولها مهطعين لا تسمع منهم نامة ولا تجد لهم ركزا، ومنهم من يرسل قلوبا وإشارات إعجاب فيشتد حنقي عليه ولو نلته لمزقته، والحسناء أزهى ما تكون جبينا، وأقتل ما رأيت عيونا، وأجمل أنفا، مع ثغر نضيد يتلو الشعر وهو القصيدة، فشخصت أنظر إليها ولا أقطع النظر برمشة عين إلا ما غلبني من الدمع كلما تذكرت صاحبها التلقامة البغيض، وقد سمعت أثناء البث جلبة وقعقعة آنية حولها؛ فما شككت أنه هو المزعج، وتلك جلبة قدور طعام انفرد بها. حتى إذا أوشك البث أن ينتهي خشيت أن يعاودني الحنين فيهلكني، فصورت أجزاء منه، واحتفظت بها وقضيت الأيام التالية أعيد النظر إليها، فلا أغفو إلا على نظر، ولا أخلو إلا لأجل النظر، حتى أوشك أن يجف بصري، فقصدت نطاسيا حكيما في مستوصف قريب ، جعل يجول بالضوء في عيني وقد راعه احمرارهما ويسألني ساخرا – قبحه الله- : أنت بتشتغل في اللحام والا أيه؟!
ثم صرف لي قطرة كأنما مزجت بماء البحر لفرط ملوحتها، أورثتني حرقة في العين فوق ما أجد من حرقة القلب.. وصدق القائل:
نظر العيون إلى العيون هو الذي
جعل الهلاك إلى الفؤاد سبيلا!