6 نوفمبر، 2024

“الخلاص” للقاص : محمد المنصور الحازمي – السعودية

سعودى

سعودى

الخلاص

قصة قصيرة

تمادى وبإصرار أن يعاود سلب عقولهم، أن يحرفهم، تعاطى كتب سحر وشعوذة؛ لم تكن وقعت عليها عيناه من قبل؛ بدأ يرعبهم، وبأمل ماجنٍ لعله يعيدهم إلى سيرتهم الأولى.

عبثت كتب السحر بعقله على نهج ضال؛ حاول جاهدًا أن يطوِّر خططه لمعاودة امتصاص دمائهم، وانتهاك أعراضهم، ظانًا أنهم تواقون لماضٍ، عدَّوه حكيم قريتهم، تسيَّدهم فيه الجهلُ، في وقت كان يلهو بوجدانهم ويلهب غرائزهم.

ظل قابعًا في كهف فجوره، عاكفًا على إنعاش ضلاله وتجديد أحابيل مجونه، قدم قرابين ولائه لعميد شياطينه من نسل شيطان النمرود، غير عابئٍ بأن فوق كل ذي علم عليم، جاهلًا بأن كيد الله أعظم .

في عصريةِ يوم غائم ؛ تلبدت سماءه سحاباتٌ داكنة تشي بقدوم هتان، ارتقى صهوة غرفته المتهالكة الوقعة بطرف ساحة سوق قرية بائسة يقصدها ضحاياه السابقون عادة بتلك الأجواء يستجمون ويتبادلون أحاديث صفاء استبشارًا بقدوم خير وبركة.

لم يفطن أن إيمانهم سيئد تأثيره؛ مهما طوَّر أساليبه، بقي ظنه البائس يُمَنيَهُ أن ما يزمع عليه من سحر عظيم سيخترق جدار تقواهم، ويدر عليه ثروة تعوِّض خسارته بعد أن جفَّف إيمانهم مداخيله..

أوهمهم ويكأنه امتطى سحابة؛ سحر أعينهم وخلب ألبابهم ، وضعهم في امتحان صعب، طفق يقهقه سخرية منهم ،رافعًا عقيرته بصوت مرعب: “سأحبس عنكم المطر”.

ثبتوا على هدايتهم، وضعوا أصابعهم في آذانهم ، وأغمضوا أعينهم ،ردَّدوا أذكارًا يستهلون بها مناجاة خالقهم ، ثم رفعوا أكفهم إلى القوي العزيز بأصوات تشع بحسن ظنهم بربهم ،توقًا إلى الخلاص منه؛ أمعن في غيِّه، وفسوقه.

أرسل مالك الملك جندًا من جنوده، فحلقّت فوقه سحابة تحتضن الخير ظن سادرًا أن سحره سيظل صامدًا بأعينهم، استمر يتراقص منتشيًا فوق هام غرفته أخذ الزهو منه مأخذه ، لحظة أن أُبْطِلَ سحرُه ،بلمح البصر؛ صعقه برقٌ صيَّرَ جسده كتلة فحم.