جسدت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى فرنسا جوهر السياسة الخارجية المصرية والثوابت الشريفة للقاهرة ومواقفها التاريخية.. فالشراكة الاستراتيجية مع باريس عنوان لصداقة عميقة والوقوف والدعم والمساندة للاشقاء فى السودان وفلسطين وليبيا وسوريا ولبنان.. وأيضا الأشقاء فى القارة الافريقية هو انعكاس للسياسات المصرية النبيلة الرامية إلى استدامة السلام والتنمية والاستقرار فى الدول الشقيقة.. والبحث بصدق عن حقوق الأشقاء المشروعة يؤكد دور وثقل مصر الشريفة فى زمن عز فيه الشرف.
العلاقة بين مصر والسودان هى علاقة مصير تستند إلى تاريخ حافل وروابط عديدة.. فالجار السودانى الشقيق يواجه تحديات مفصلية ومرحلة فارقة فى تاريخه أدركت القيادة السياسية المصرية وجوب الدعم غير المتناهى للأشقاء لتجاوز وعبور هذه المرحلة الدقيقة من خلال دعم كامل وشامل فى كافة المجالات الأمنية والاقتصادية والتجارية والمساندة فى المحافل الدولية انطلاقا من الارتباط الوثيق للامن القومى فى البلدين.. فأمن واستقرار السودان جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر.
واجه السودان الشقيق ظروفا صعبة ومعقدة وبالغة الدقة جعلته معزولا عن المجتمع الدولى لمدة 30 عاما وبعد ثورة ديسمبر التى جسدت ارادة الشعب السودانى الشقيق يواجه تحديات كثيرة على كافة الأصعدة سواء تحديات أمنية أو اقتصادية فى الداخل والخارج وتسعى السلطة الانتقالية لتحقيق طموحات السودانيين وتطلعاتهم إلى مستقبل أفضل لكن هناك مجموعة من التحديات تتعلق بحالة السيولة الأمنية والعقبات الاقتصادية سواء فى تراكم الديون ومستحقاتها المتراكمة أو حاجة السودان إلى استثمارات تعمل على تنشيط الاقتصاد ودوران عجلة العمل واستغلال الموارد والثروات وخلق فرص عمل مما يؤدى الى تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية لتجاوز الأزمة الاقتصادية الخانقة.
مصر لم تدخر جهدا فى تقديم الدعم الكامل للأشقاء سواء على المستوى الاقتصادى والأمنى والعسكري.. ولعل المناورة أو التدريب المصري- السودانى المشترك «نسور النيل» دليل على قوة العلاقات والدعم المصرى للخرطوم ، وحرصت أيضا القاهرة على تقديم كافة أنواع الدعم والمساعدة لدعم السلطة والمرحلة الانتقالية وأيضا دعم الإصلاحات الاقتصادية والتوصل إلى السلام فى السودان وآخرها فى أكتوبر الماضى لترسيخ معالم الأمن والاستقرار الأمنى والسياسى
والتأكيد على إعلاء المصلحة الوطنية للسودانيين.
مشاركة مصر الفاعلة والمؤثرة فى مؤتمر باريس لدعم السودان جاءت تجسيدا للدعم غير المتناهى للاشقاء فى السودان وهى أحد العوامل المهمة لنجاح المؤتمر وهو ما أكد عليه الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السودانى موجها التحية للدعم المصرى فى كافة المجالات وعلى مستوى المحافل الدولية.. مصر شاركت فى المبادرة الدولية لتسوية المديونية السودانية من خلال استخدام حصة مصر لدى صندوق النقد الدولى لمواجهة الديون المشكوك فى تحصيلها.
وهناك رؤية مصرية شريفة لمساعدة السودان على عبور تلك المرحلة الانتقالية والمحورية فى تاريخ الأشقاء تعتمد على القوى الوطنية السودانية نفسها من خلال الحرص على إعلاء المصلحة الوطنية للسودانيين وأيضا ارساء قواعد السلام ودعم الدولة الوطنية ومؤسساتها خاصة الجيش الوطنى والعمل على مساندة جهود السودان فى برامج تسليم ونزع الأسلحة وتسريح المقاتلين وإعادة دمجهم.. كذلك أهمية دعم الاستقرار الأمنى والإقليمى للسودان بضرورة بسط السيادة السودانية على أراضيها طبقا للقانون الدولى واتفاقية 1902
كما أنه من المهم مساعدة السودان على تخفيف المديونية وتوفير الدعم المالى والتمويل اللازم وجذب الاستثمارات لاستدامة السلام والتنمية والاستقرار لإنجاح الفترة الانتقالية وعبورها بأمان ودعم الإصلاحات الاقتصادية التى تجريها الحكومة السودانية واستعانتها بالتجربة المصرية فى هذا المجال وإعلان الرئيس السيسى تقديم كافة أوجه الدعم لانجاح عملية الإصلاح واستعداد مصر لتقديم التدريب والتأهيل اللازم للكوادر السودانية بما لديها من خبرات واسعة فى عمليات الإصلاح الاقتصادى والمالي.
لاشك ان الدعم المصرى التاريخى للسودان ينطلق من قاعدة المصير المشترك بين البلدين ووحدة الأمن القومى لمصر والسودان الجارة الشقيقة.. وترى مصر حتمية توفير الأمن والاستقرار فى السودان لمصلحة أمن واستقرار مصر أيضا فى ظل الإرادة السياسية بين البلدين لإرساء قواعد التكامل بينهما فى كافة المجالات خاصة الأمنية والاقتصادية والتجارية فى ظل وحدة المصير لدى شعبى وادى النيل كذلك أهمية الحفاظ وحماية الحقوق المائية للبلدين فى مياه النيل باعتبارها قضية أمن قومى مشترك واتفاق البلدين على حتمية الوصول إلى اتفاق عادل ومنصف وملزم وقانونى وشامل بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الاثيوبى والحفاظ على مصالح جميع الأطراف وأهمية أمن واستقرار منطقة حوض النيل.
زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لباريس جسدت عمق ونبل السياسة الخارجية المصرية فى توطيد علاقات الشراكة مع الأصدقاء.. وفرنسا نموذج حى وفعًّال لمثل هذه الشراكات الاستراتيجية التى تشمل كافة المجالات والقطاعات وأيضا الوصول إلى رؤى متقاربة ومتطابقة بشأن الملفات والقضايا الدولية والاقليمية.. فمصر تتحرك فى إطار علاقات الشراكة مع الأصدقاء الذين يدركون عن قناعة أهمية الدور المصرى لما له من ثقل ومكانة فى المنطقة ويشكل ركيزة أساسية فى أمنها واستقرارها وأيضا الاستفادة العادلة من مركز وثقل مصر الاقليمى والافريقى وامتدادها العربي..
وأيضا جسدت زيارة الرئيس السيسى لفرنسا اهتمام مصر ودعمها غير المحدود لقضايا الأشقاء والعمل والمساندة فى حل أزماتهم سواء على الصعيد السودانى أو الفلسطينى أو الافريقى فمصر لم تدخر جهدا فى دعم حقوق الأشقاء الفلسطينيين ودعم قضيتهم العادلة وكانت الأحداث المتصاعدة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة والاعتداءات السافرة من قبل قوات الاحتلال محور مباحثات الرئيس السيسى مع نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون وأهمية إيقاف العمليات العسكرية والقتالية واستئناف المفاوضات وحتمية الوصول لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية وتنفيذ القرارات الدولية لضمان حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة استنادا للمرجعيات الدولية وتفعيل حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود ٤ يونيو 1967 وهو ما تتفق عليه فرنسا مع مصر.. لذلك الزيارة عكست التوجه المصرى بقيادة الرئيس السيسى فى دعم الأشقاء سواء فى السودان وفلسطين وافريقيا فى المحافل الدولية المختلفة وجسدتها زيارة السيسى لباريس.
قمة ثلاثية عقدت بالأمس بين الرئيسين السيسى وماكرون والملك عبدالله الثانى عاهل الأردن لبحث القضية الفلسطينية والأحداث المتصاعدة الراهنة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وغزة والعمل على إيقاف العمليات العسكرية والقتالية وكسر جمود عملية السلام وهو ما يؤكد الدعم المصرى غير المحدود للأشقاء الفلسطينيين وقضيتهم العادلة وحقوقهم المشروعة فى المحافل الدولية وكذلك الدعم المصرى فى توفير احتياجات الفلسطينيين فى قطاع غزة وأيضا المساهمة فى إعادة الإعمار وهو ما بجسد الدور المصرى التاريخى فى استعادة الحق الفلسطينى وأيضا الدعم والمساندة للاشقاء والوقوف الى جوارهم بكل الامكانيات المصرية لتخفيف المعاناة عنهم
«مصر- السيسى».. شراكات استراتيجية مع الأصدقاء والدعم غير المحدود للأشقاء هو العنوان الأبرز الذى يجسد مضمون زيارة الرئيس السيسى لفرنسا.. فلم تقتصر الزيارة على دفع الشراكة الاستراتيجية مع فرنسا وأطر التعاون غير المسبوق ولكن استحوذت الزيارة على جزء كبير منها فى دعم الأشقاء فى فلسطين والسودان وافريقيا وليبيا وسوريا ولبنان والعراق حيث تناولت قمة السيسى – ماكرون كافة الملفات الاقليمية وأهمية العمل المشترك على دفع الحلول السلمية لحل الأزمات وتقديم الدعم الدولى للأشقاء.
الحقيقة ان الشراكة «المصرية- الفرنسية» الاستراتيجية لا تقتصر على الجانب الثنائى فحسب ولكن أيضا تمتد لإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة ومساعدة دولها لتحقيق استدامة السلام والتنمية والاستقرار تضمنت الزيارة أيضا محورا مهما للغاية هو قمة دعم اقتصاد الدول الافريقية التى تضررت من جائحة كورونا وأدت إلى ركود غير مسبوق فى الناتج المحلى لدول القارة السمراء منذ 25 عاما استلزمت تقديم الدعم الدولى لدول افريقيا
سواء على صعيد الدول الكبرى أو على المؤسسات الدولية الكبرى مثل صندوق النقد الدولى والبنك الأوروبى والبنك الافريقى وجهات التمويل الدولية الأخرى لتوفير التمويل المالى لدعم اقتصادات افريقيا ودمجها فى الاقتصاد العالمى ونقل التكنولوجيا إليها وحق أفريقيا فى توفير لقاحات كورونا وأيضا جذب الاستثمارات لتعزيز النشاط الاقتصادى والتركيز على مشروعات البنية الأساسية التى تعمل على تنشيط الاقتصاد والاستثمارات وخلق فرص العمل واستغلال ثروات وموارد أفريقيا بشكل عادل.. ومصر وفرنسا تدركان صعوبة الوضع الاقتصادى فى أفريقيا فى ظل الجائحة
لذلك تحرص فرنسا من خلال رئيسها ماكرون على المشاركة فى مثل هذه اللقاءات لمساعدة دول القارة السمراء.. وفى اعتقادى ان التقارب المصرى الفرنسى ساهم كثيرا فى توجهات باريس نحو افريقيا خاصة أن مصر هى أهم وأكبر دولة افريقية تعمل على مصالح الأشقاء ومساعدتهم وتقديم الدعم لهم من خلال استغلال علاقاتها وشراكاتها مع الدول الكبرى ومنها فرنسا وهو ما يؤكد نبل السياسة المصرية لخدمة ودعم القضايا الافريقية.
ما تقدمه مصر من دعم للأشقاء فى فلسطين والسودان وغيرها وأيضا الأشقاء الأفارقة هو تجسيد حقيقى لقيمة ومكانة وثقل مصر.. وكونها قلب العرب النابض وركيزة المنطقة وأيضا تقود العمل الافريقى وتستثمر جهودها وعلاقاتها الدولية لصالح قضايا الأشقاء فهى العظيمة الكبيرة والحقيقة ان الفضل فى استعادة الثقل والدور المصرى المحورى فى المنطقة والقارة السمراء يعود إلى رؤية وإرادة وجهود الرئيس السيسى الذى وضع مصر فى مكانتها اللائقة.. فمع كل نجاح وإنجاز فى الداخل ومصداقية فى الخارج وفاعلية على الصعيدين الدولى والاقليمى يزداد الاحترام والتقدير والإعجاب بمصر وقيادتها السياسية خاصة بعد نجاح الرئيس السيسى فى انتشال مصر من أزمتها والتحديات والتهديدات التى كانت تحاصرها وجعلها دولة يشار لها بالبنان تمتلك القوة والقدرة الشاملة والثقل الاقليمى والاحترام والمصداقية على الصعيد الدولى وفى ظل ما يحدث فى المنطقة أصبح العالم لا يرى إلا مصر ويعول عليها فى العبور بالمنطقة إلى بر الأمان..
ومصر ليست بلد الشعارات والكلام دون الفعل فقد اثبتت تجربة الـ ٧ سنوات ان مصر تقول وتفعل ولعل الموقف المصرى الشريف والنبيل تجاه الأشقاء فى فلسطين وغزة وجهودها لاحتواء الموقف المتفجر والمفزع فى ظل ما آلت إليه الأمور من تفاقم الأوضاع الإنسانية خاصة فى غزة ومشاهد الدمار والقتل للأبرياء واستهداف المنازل والنساء والأطفال جعل مصر تسابق الزمن لاحتواء الموقف مع اصدقائها مثل فرنسا وأشقائها مثل الأردن وباقى الشركاء الدوليين المعنيين بالقضية وبات واضحا للجميع حتمية التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة وهو ما يؤكد ان مصر دائما هى السند للشقيق والصديق ولا تفرط أبدا فى ثوابتها الشريفة ومواقفها التاريخية وقد جاء قرار الرئيس السيسى بتخصيص 500 مليون دولار من مصر لإعادة إعمار غزة تنفذها الشركات المصرية تتويجا للمواقف المصرية المساندة والداعمة للأشقاء.
مصر بالفعل أصبحت نموذجا وقدوة فى النجاح والقوة والقدرة والثقل والشرف فهى دائما تقف إلى جانب الحق والعدل والحقوق المشروعة وتسعى بكل جهودها لدعم الأشقاء وتحقيق معادلتها الثلاثية فى التنمية والسلام والاستقرار
تحيا مصر.
More Stories
إسماعيل عبد السلام يكتب عالم صغير
المستشار على سالم يكتب طبيعة الحياة
اللواء محمد محفوظ يكتب التاريخ والماضي