عندما طلب إجازة من عمله بعد سنوات من العمل الشاق ، كان التعب ، والإعياء قد امتص جسده مثل العلق ، شرع من أول يوم في إجازته بعمل جدول لأوقاته ، ينام ليله باكراً كعادته ويذهب في الصباح الباكر لرعي غنمه حتى المساء ، يسقي أشجار “المانجو ” في مزرعته قبيل الغروب ، يساعد أطفاله في دروسهم بعد
المغرب ، يجلب طلبات المنزل بعد العِشاء ..ثم يداعب زوجته وينام .
حدّث نفسه :
-“العمر عمل للآخرين وللزرع والحرث والأغنام ، وأنا كالآلة ، واهم من يعتقد أن الحياة راحة ، الإنسان في كبد من ولادته وحتى مماته”
قرر أن يُسعد نفسه، فعمل متطوعا يوزّع الماء على المساجد .. شعر
براحة تسري في قلبه ، لكنه تذكر أن ذلك عمل أيضاً..
انتهت الإجازة وهو كالشمعة تضيء وتحترق وبريقها ينير للآخرين
الدروب ، عاد لعمله يخدم الناس ، وفي المساء يرعى ويسقي ويجلب
الحاجات لمنزله ، تعوّد جسده على العمل، تمرق سنواته سريعاً وعلى
حافة الستين توج مسيرته بشهادة شكر علّقها على جدارمنزله ، بعد التقاعد عاد يبحث عن نفسه وصحته فلم يجدها ، لقد شاخ وانطفأَ سراجه وصحته في تراجع ، أصبح ينسى كثيراً ومنسيا كسقط المتاع.. شاخ هوَ وكبُرَ أولاده ودبّت بينهم الفوضى والأنانية ..
قبل أن يودِّع الحياة كان ضيفاً ثقيلاً لمدة قصيرة في دار المسنين والعَجَزة.
حكاية بلا تفاصيل ” للقاص : عيسى مشعوف – السعودية

عيسى مشعوف
More Stories
ضميني اليك ” للشاعرة: إيمان السيد الديب _ مصر
في غياب القمر” للشاعرة: لمياء فلاحة _ سوريا
تسمحلي أبوح ” للشاعرة : أسماء كامل _ مصر