23 سبتمبر، 2023

حكاية بلا تفاصيل ” للقاص : عيسى مشعوف – السعودية

سعودى

عيسى مشعوف

عندما طلب إجازة من عمله بعد سنوات من العمل الشاق ، كان التعب ، والإعياء قد امتص جسده مثل العلق ، شرع من أول يوم في إجازته بعمل جدول لأوقاته ، ينام ليله باكراً كعادته ويذهب في الصباح الباكر لرعي غنمه حتى المساء ، يسقي أشجار “المانجو ” في مزرعته قبيل الغروب ، يساعد أطفاله في دروسهم بعد
المغرب ، يجلب طلبات المنزل بعد العِشاء ..ثم يداعب زوجته وينام .
حدّث نفسه :
-“العمر عمل للآخرين وللزرع والحرث والأغنام ، وأنا كالآلة ، واهم من يعتقد أن الحياة راحة ، الإنسان في كبد من ولادته وحتى مماته”
قرر أن يُسعد نفسه، فعمل متطوعا يوزّع الماء على المساجد .. شعر
براحة تسري في قلبه ، لكنه تذكر أن ذلك عمل أيضاً..
انتهت الإجازة وهو كالشمعة تضيء وتحترق وبريقها ينير للآخرين
الدروب ، عاد لعمله يخدم الناس ، وفي المساء يرعى ويسقي ويجلب
الحاجات لمنزله ، تعوّد جسده على العمل، تمرق سنواته سريعاً وعلى
حافة الستين توج مسيرته بشهادة شكر علّقها على جدارمنزله ، بعد التقاعد عاد يبحث عن نفسه وصحته فلم يجدها ، لقد شاخ وانطفأَ سراجه وصحته في تراجع ، أصبح ينسى كثيراً ومنسيا كسقط المتاع.. شاخ هوَ وكبُرَ أولاده ودبّت بينهم الفوضى والأنانية ..
قبل أن يودِّع الحياة كان ضيفاً ثقيلاً لمدة قصيرة في دار المسنين والعَجَزة.