10 أكتوبر، 2024

“لعلها ترضى” للقاص : عبدالله الصليح – السعودية

ارشيف

لعلها ترضى..

قصة قصيرة

مرت جموع المهنئين سراعًا ذلك المساء، تبتسم عيونهم خلف كماماتهم، وتصافح حواجبهم بدلاً من أياديهم، وتسمع أصواتهم همسًا تعتمد في ردك عليه بتخمين ما قد يقال في مثل هذه المواقف، مرت الدقائق سراعًا حتى وقت العشاء، هنا وقف العريس على باب سيارته يلقي بردوده الأخيرة على المهنئين المقربين، ويضحك مع ضحكاتهم وإن لم يسمع أغلبها لأن هذا ما تفعله عدوى البهجة، إنها ليلة العمر، على كل من يخوضها ألا يكف عن ابتسامته إلا ليضحك، ولا يدع الضحك إلا ليبتسم، ودع من حوله قبل أن يلج لسيارته المطرزة وينحدر كما يشير والده نحو قسم النساء لأخذ عروسه..
مرت الساعة في طريقه إلى الفندق في صمت مطبق، كان يتراقص قلبه فرحًا ويرقص رمش عينه اليسرى إجهادًا، حاول ملاطفتها بكل ما حضره من أحاديث بينما يتخيل ابتسامتها خلف خمارها الأبيض، ولم يترك هذا الصمت يمر دون أن يمازحها بأنها ستملأ البيت بصوتها العالي لدرجة أن يتذاكرا خجلها هذه الليلة باعتباره ماضٍ لا يتكرر..
لم يكن الوقت قصيرًا ليصلا أخيرًا، ولسوء الحظ أن صمتها تجاوز الكثير من توقعاته، لدرجة أن يشعر بفقدان توازنه الإيجابي، ويقلق..
في اليوم التالي، كانت كل المحاولات لحملها على الحديث تزيد مخاوفه، وتجعل بذرة الشك تنمو وسط تضخم تصوراته حين يتوقع الأسوء دائمًا..
مع مرور الأيام تيقن أنها شديدة الخجل، لدرجة تحفزه لاعتبارها مشكلة تحتاج إلى حل، كان يحب التجول في الحارات القديمة وبين بيوت الطين، وتعثر في تلك المرة بباب قديم، قد زالت ألوانه وإن بقي تطريزه محفورا فيه، فلمعت في عقله فكرة، واستعان بأحد العابرين لمساعدته في حمله إلى سيارته، وفي طريقه مر بقرطاسية لشراء الألوان، وسارع لوضع هذا الباب في مكان جلوسهما، ثم عرض عليها فكرته، التي اتسعت لها عينها استغرابًا، وعند عند آخر مربع لوناه معًا، تمايل طربًا بينما يسمع ضحكتها الأولى.