19 أبريل، 2024

“ثورة القرد الصغير” للقاص : ياسر رافع

ثورة القرد الصغير

فى صيف قائظ حار شديد الرطوبه وسط أمطار مداريه شديدة جعلت كل حيوانات الغابه تحتمى فى جحورها وأعشاشها وتحت أوراق الشجر جلس بعض القرده مستظلين بأوراق عريضه تحميهم من المطر يستذكرون أحوالهم فى السابق والحاضر وأحوالهم المترديه وشح الأرزاق وسط غابه غنيه بخيرات الله الواسعه والكثيره بسبب تجبر الأسد وحاشيته من النمور والضباع والثعالب والذئاب ، وراح كل قرد يتذكر مواقف مهينه قد حدثت له من كبار الغابه حتى أنساهم الحزن والكأئه زخات المطر الشديدة وتمنى كل واحد فيهم أن الأمطار تنقطع عن الغابه حتى تموت الأشجار وتصبح صحراء جرداء حتى يتخلصوا من الأسد وزمرته .
هنا ومع إنتهاء سقوط قطرات المطر قام قرد صغير وقد مسه الجنون يزيح عن رأسه ورقة خضراء كبيره كان يحتمى بها من المطر وقال لقد وجدت الحل للخروج من حالة الذل التى نعيشها فى هذه الغابه ، ” هل تتذكرون قصة القرد العجوز المستبد ” ، هنا نظر إليه جميع القرود مع بداية سطوع الشمس ومع إنقشاع السحب فى لا مبالاة وصاح أحدهم وكأن الأمر لا يعينه فى شئ ، وقال له ” ماذا تقصد بهذا الكلام ؟ ” .
لم يفقد القرد الصغير حماستة رغم نظرة اللامبالاة على القرود كبيرهم قبل صغيرهم وتحمس للرد على السؤال الذى وجه له وقفز عاليا وأعتلى فرعا ضخما من إحدى الأشجار وصاح ” يا معشر القرده الكبار هل تتذكرون جميعا كيف أنكم كنتم تعلموننا ونحن صغارا أن نقف فى وجه الظلم وكيف أنكم عندما كنتم صغارا قد تغلبتم على القرد العجوز المتجبر المتسلط بإتحادكم وتوقفتم عن خدمته فى تلك اللحظه نلتم حريتكم ورجعت خيرات تعبكم إليكم وإلى أولادكم فما الذى حدث لكم وقد كبرتم نراكم وقد وهنت عزيمتكم وتراخت عزائمكم حتى صرتم تصدرون هذا الوضع إلى القردة الصغيرة الوليدة حتى صار التجبر فى الغابه سيد الموقف ، فلماذا لا نتمرد على هذا الوضع ونقف يدا واحده ضد الأسد والنمور وأنصارهم ممن يحكمون الغابه ”
هنا صاح القردة الصغار وقد دبت الحماسه فى عروقهم مؤيدين لكلام القرد الصغير ولكن الكبار كانوا خائفين متوجسين وصاح أحدهم ” توقف يا أرعن المسأله مختلفه الأسد وأنصاره ليسوا هم القرد العجوز ، نحن ليس لنا قبل فى مقاومتهم إنهم أشرار متوحشين ”
فقال القرد الصغير ” نحن لن نكون وحدنا سنجعل الغابه جمرة نار ضد الأسد وأنصاره سنطوف على الحيوانات الأخرى ونتكلم معهم حتى نقف يدا واحده ضد الظلم من أجل مستقبل جديد ” . ساد الهرج وأختلطت الأصوات ولكن فى نهاية الجلسه واقف الأغلبيه على الدعوه للثورة ضد الأسد وأنصاره .
أيام وليالى يطوف فيها القرده الصغار أصقاع الغابه يدعون حيواناتها المختلفه إلى الثوره ضد الظلم ولكنهم لم يحسبوا لرد فعل الأسد وأنصاره الذين علموا بما يدور فى الغابه فأستدعى الأسد القرد الأكبر إلى عرينه وراح يوبخه على ما يفعله القردة الصغيرة وراح يستدعى له أمام أنصاره من النمور والضباع والثعالب مشاهد القردة وغيرهم من الحيوانات الذين قطعت أوصالهم لمجرد التفكير فى العصيان ، وقال فى نهاية الحديث ” أريد أن يكون القرد الصغير المشاغب أمامى غدا وإلا سيكون العقاب شديدا ” . ثم قام الأسد صائحا فى أنصاره ” أريد منكم أن تدعوا حيوانات الغابه جميعها غدا لإجتماع حاشد قرب النهر ” ثم مضى بعيدا .
رجع القرد الكبير لقومه مكتئبا خائفا من رد فعل الأسد وجمع قومه وصاح فيهم مهددا ومتوعدا مكررا كلام الأسد ومذكرا إياهم بعواقب الخروج عن سلطان الأسد وأنصاره وأن الإنصياع وراء كلام القرد الصغير سيجعل منهم جثث تقتات عليها كواسر الغابه . ويبدوا أنه لاحظ أن حديثه قد لقى صدى فقال نحن مدعوون للقاء الأسد وكل حيوانات الغابه غدا وأن من سيتخلف سيكون عقابه الموت وشدد على القرد الصغير الثائر على الحضور الذى وقع فى نفسه هذا الإحساس بالضعف نتيجة خوف أنصاره من بطش الأسد فوافق على الحضور على مضض .
وسط ساحه كبيره على ضفاف النهر وعلى صخره كبيره عاليه وقف الأسد يحيط به أنصاره وتحته يقف جميع حيوانات الغابه بلا إستثناء وبدا المشهد مهيبا لا تخطأه العين ، وبعد زئير إقشعرت له أبدان الحيوانات جميعا ، قال موجها كلامه للحيوانات ” من منكم يريد منازعتى سلطانى ؟ من منكم يريد معارضة قراراتى ؟ إنكم تعيشون فى نعيم بفضل حمايتى لكم ، إنكم ناكرون للجميل ! ولكنى سأعتبر الدعوات إلى التمرد ضدى كأن لم تكن ” ، وبينما يتكلم الأسد ساد صمت رهيب بين الحيوانات التى فيما يبدوا قد ايقنت أن ساعة الغدر والتنكيل بها قد حانت فى هذه اللحظه الفارقه صاح القرد الصغير الثائر ” ولكنى لن أتوقف عن معارضتك ، فأنت متجبر وباطش ” . هنا قفز الأسد من مكانه وقفز على القرد الصغير الضعيف البنيه وقتله ومزق جسده النحيل وفصل رأسه عن جسده ثم صعد بها إلى الصخره مرة أخرى ووضعه على الأرض ووضع رجله عليها وقال ” هل لكم ملكا غيرى ؟! ” . صمت رهيب يجتاح المكان ، هنا أمر الأسد بأن تنصرف جميع الحيوانات ولكن من إتجاه واحد من أمام الصخرة على أن يضرب كل حيوان بعصا غليظه حتى يتذكر أن عاقبة المعارضه وخيمه ..
وبدأت كل الحيوانات تمر أمام الصخره وتتلقى الضرب بالعصا الغليظه ولكنها لا تجرؤ على الإعتراض وهى ترى رأس القرد الثائر ملقاه بدمائها تحت قدم الأسد ، ولكن فى آخر الصف وقف أحد القرده صائحا ” هذا لا يجوز وغير مقبول ” سمعه الأسد فأمر أنصاره بأن يأتوا به ، فلما أحضروه وقف أمام الأسد وقبل أن يهم الأسد بقتله صاح ” يا سيدى أنا لا أعترض لا سمح الله ، إننى أكره المعارضه وأهلها ” فتحير الأسد وقال له ” فلماذا إذا تعترض وتصيح ؟ ”
فرد القرد ” يا سيدى لقد قارب الليل على أن يسدل ستائرة على الغابه وطابورالحيوانات طويل وأنت متعب ، ولهذا يا ليت سموك يأمر بأن يتحول الطابور إلى أكثر من طابور حتى يتم المرور بسرعه وتسهيلا لعملية الضرب وإختصارا للوقت ”
هنا ضحك الأسد وركل برجله رأس القرد الصغير الثائر فتتدحرجت إلى الأسفل تدوسها طوابير الحيوانات المستعبدة دون أن يحاول أحدا إلتقاطها وقال ” أهلا وعودا حميدا غابتى الحبيبه ”