20 أبريل، 2024

” ليلُ التهايم ” للقاص : فايع آل مشيرة عسيري _ السعودية

سعودى

سعودى

جَنَّ عليه الليل وهو في قمة الجبل .. كان البرد قارساً استعاد الكثير من حكايات أجداده المتخشّبة في ذاكرته وهو يضُّم بجاكيته جسده النحيل .. تُلحُّ تلك القصص على عقله المخبوء بالتعب وأكثرها ناقوساً هي تلك الحكاية التي رأها بعدما كان يسمعها
الجبال تنادي بعضها بعضاً في الشتاء حيث يكون البرد هو صوتهـا الحاد .. !
يسمعُ عواء الذئاب ويتخلله صوت سامر
يوقد آخر نقطة سماع فيه .. أراد شيئاً يدفيه فليس في جيبه غير كسرة خبز ٍ يابس .. بحث عن صخرة صمّاء يلوذ بها علَّهـا تنقذه من صرِّ هذه الليلة الدهماء .. استرق من الجبال صوت ذاك السمر وبتثاقل ومن علوٍ يتكأ على صخرته الصماء التي سمعت بعضاً من قصصه .. مازال يسمع صوته في صدره وهو ينفث في راحتيه دفئاً ..إذا بها سمرة توقدها النار والأقدام توجّس خيفةً ولم يعبئه بها كثيراً ؛ لأنه لم يكن لديه خيار إلا تلك السمرة تلك الحياة .. بخفة ورشاقة قطع تلك المسافة الطويلة الفاصلة كما لم يكن قطعها وجلس حول النار يستدفئ فإذا به قد كسته النار دفئاً وثوباً أسوداً بدلاً عن ثوبه الممزّق وجاكيته المهترء وحذاءه المقطوع
صار جديداً وإذا به ينظر في وجوه السامرين .. وفجأةً صرخ بأعلى صوته أحمااااااااااااد ..
لم يعلم بعدها سوى إن صرخته سارت بها الجبال ولم يفق إلا على صوت راعي الأغنام والشمس تبسط كفها على الأرض والنهار يكتب للحياة فصلاً جديداً ..صرخ بنفس صرخته البارحة : أحمااااااااااااااااد !
نعم رأيته في تلك الصفوف والله أحمد
رأيته البارحة .. وأجهش بالبكاء
الراعي : مين أحمد ؟ ومين أنت ؟
الصمت وحده من يجيب الراعي على
اسئلته الحائرة على حافة الصباح وأخذه لمكان في ظل شجرة بعد أن ناوله قربة ماء ليشرب ..
سيارة ” شاص ” قديمة يُسمعُ لها جلجلة
بطول الوادي الممتد بين الجبال ويقف سائلاً :
السلام عليكم اسألك ما شفت لنا ولد نحيل
الراعي : الظاهر أنت أبوه ..
لا لا موجود إذا كان تقصد هذا الولد في ظل الشجرة هناك وحين وصلا للشجرة لم يجداه ولم يجدا له أثـر وكأنه لم يكن هنا .
الراعي : استغفر الله العظيم والله كان معي هنا وكان يصرخ ويردَّد أحمااااااااااد ……
الأب : هذا هو أحمد .